الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الدليل الرابع القياس]

صفحة 316 - الجزء 1

  قلنا: المقصود حصول المناسبة في أحد الحكمين، فمهما ثبتت في أحدهما كان هو العلة والآخر هو المعلول، دون العكس؛ فلا وجه للمنع.

  (و) منها: أنه (قد يجيء عن علة) واحدة (حكمان) فصاعدا: إما إثباتاً، كالسرقة للقطع والفسق، هكذا ذكره في الفصول، وذكر عضد الدين أن السرقة علة للقطع لمصلحة الزجر، وللتغريم جبراً لصاحب المال. أو نفياً، كالحيض في عدم جواز الصلاة والصوم ودخول المسجد والقراءة والوطء.

  قال في الفصول: فأما السبب - كالغروب لجواز الإفطار ووجوب المغرب - فيجوز اتفاقاً.

  وجعل الإمام الحسن # هذا المثال⁣(⁣١) للأمارة لمّا قال ابن الحاجب: إن كانت أمارة جاز ذلك بلا خلاف، وإن كانت بمعنى الباعث فالخلاف.

  وقد تكون الأحكام الصادرة عن علة واحدة من غير شرط، كالحيض. وقد يأتي عنها مطلقةً حكم، ومشروطةً حكم آخر، كالزنا فإنه يوجب الجلدَ بمجرده، والرجمَ بشرط الإحصان.

  وقد يصدر الحكمان بشرطين، كالقتل فإنه يصدر عنه القَود بشرط العمد العدوان، ويصدر عنه الدية والكفارة بشرط كونه خطأً.

  وقد تصدر الأحكام المتماثلة عن علل مختلفة، نحو ما نقوله: لو كان الزنا والردة وقتل النفس بغير حق في أشخاص ثلاثة فإن كل واحد منهم يستحق القتل. ونعني بالتماثل هنا: الاتفاق في الصورة. وقد تؤثر العلل المتماثلة في أحكام مختلفة، نحو ما نقوله في القتل فإنه متماثل، ثم يؤثر في القود إذا كان عمداً، وفي الدية إذا كان خطأً. وكالزنا فإنه يؤثر في رجم المحصن وجلد البكر.


(١) قال في شرح الفصول: فأما السبب كغروب الشمس لجواز الإفطار ووجوب المغرب فيجوز اتفاقًا، وهو الذي عناه ابن الحاجب بقوله: «فأما الأمارة فاتفاق».