مسألة: [طرق العلة]:
  مناسباً لشرع التحريم (وكالجناية العمد العدوان في القصاص) فإنها بالنظر إلى ذاتها مناسبة لشرع القصاص. وإنما قال: «الجناية» ولم يقل: «القتل» كما قال غيره - لأنها أشمل لأنواع القصاص.
  (و) اعلم أنها (تنخرم المناسبة) أي: تبطل (بلزوم مفسدة) للحكم (راجحة)(١) كانت (أو مساوية) خلافاً للرازي وأتباعه، كالبيضاوي، لا إذا كانت المصلحة راجحة فإنها لا تنخرم اتفاقاً؛ لشدة اهتمام الشارع برعاية المصالح، وانبناء الأحكام عليها.
  لنا: العقل قاض بأن لا مصلحة مع مفسدة مثلها أو زائدة عليها، ومن قال لعاقل: بِعْ هذا بربح(٢) مثل ما تخسر، أو أقل منه - لم يقبل منه، وعلل بأنه لا ربح حينئذٍ، ولو فعل لَعُدَّ خارجاً عن تصرفات العقلاء.
  والترجيح على سبيل التفصيل يختلف باختلاف المسائل، وقد يرجح بطريق إجمالية، وهي أنه لو لم يقدر رجحان المصلحة على المفسدة المعارضة لزم التعبد بالحكم لا لمصلحة.
[حقيقة المناسب في الاصطلاح]:
  (و) اعلم أن (المناسب) في الاصطلاح: (وصف ظاهر منضبط يقضي العقل بأنه الباعث على الحكم) فاحترز بالظاهر عن الخفي، وبالمنضبط عن المنتشر، وهذا لابن الحاجب، وقوله: يقضي العقل ... إلخ للإمام المهدي #.
  وقال الإمام الحسن #: وأولى منه ما ذكره ابن الحاجب بعد قوله: منضبط،
(١) أي: راجحة على المصلحة التي ثبتت بالمناسبة، ومثال ذلك: من غُصَّ بلقمة مثلاً وخشي التلف ولم يجد ما ينزلها به إلا الخمر، فإن في تحريمه مناسبة لحفظ العقل، ولكن يلزم من المناسبة حصول مفسدة، وهي هلاكه لو لم يشربه، وهذه المفسدة أرجح من المصلحة؛ إذ حفظ النفس أولى من حفظ العقل. كاشف لقمان ص ٢٢٠ ط/ «مركز بدر».
(٢) هكذا في (أ) و (ب) و (ج). وفي القسطاس: «تربح».