مسألة: [طرق العلة]:
  أو الدنيوية مع قوة مناسبته، وكونها لا تزداد على كثرة البحث والتأمل إلا وضوحاً. وأقسامه ثلاثة:
  الأول: ما يقع في محل الضرورة، ويُلقَّب بالضروري، وهو ما رُوعيَ فيه المقاصد التي لا يقوم الدين إلا بحفظها، ومناسبتها في غاية الوضوح، وأعلى المراتب في إفادة ظن(١) الاعتبار. وهو ضربان: ضروريٌّ في أصله، كالكليات الخمس(٢) التي روعيت في كل ملة، وهي: حفظ الدين بقتل الكفار، والنفس بالقصاص، والعقل بحد المسكر، والنسب بحد الزنا، والمال بحد السارق والمحارب، أي: قاطع الطريق.
  ومُكمِّلٌ(٣) له(٤): وذلك كحد قليل المسكر، وهو الذي لا يزيل العقل. وحفظ العقل حاصل بتحريم المسكر، وإنما حرم القليل للتتميم والتكميل؛ لأن قليله يدعو إلى كثيره بما يورث النفس من الطرب المطلوب زيادته بزيادة سببه إلى أن يسكر، ومن حال حول الحمى يوشك أن يقع فيه. ويجوز اختلاف الشرائع في المكمل وما بعده.
  القسم الثاني(٥): ما يقع في محل الحاجة، ويلقب بالحاجي، وهو ما تدعو إليه الحاجة لا الضرورة. ورتبته دون الأول، وهو ضربان: أصلي، كالبيع والإجارة، والقراض(٦) والمساقاة، وتمكين الولي من تزويج الصغيرة، ونحوها كسائر
(١) في (أ) الظن الاعبتار.
(٢) وقد نظمها بعضهم حيث قال:
وروعي فاعلم أن ذاك في كل ملة ... مضت حفظ خمس في جميع الشرائع
هي الدين ثم النفس والعقل ثالث ... مع النسل مال واحشها في المسامع
(٣) هذا هو الضرب الثاني.
(٤) أي: للضروري.
(٥) من أقسام الحقيقي العقلي.
(٦) القراض: هو المضاربة.