الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[خاتمة باب الأدلة: الحظر والإباحة]

صفحة 419 - الجزء 1

  الباب الثاني: الأدلة الشرعية

[خاتمة باب الأدلة: الحظر والإباحة]

  (خاتمة) لباب الأدلة، وهي الكلام في الحظر والإباحة، قال أصحابنا في تحقيق الإباحة: إنها تعريف المكلف بأنه لا عقاب عليه في إثبات أمرٍ أو تركِه.

  والمباح: ما عرف المكلف حُسْنَه، وألّا ثواب ولا⁣(⁣١) عقاب في فعله وتركه، كالتمشي في البراري، والتظلل تحت الأشجار، ونحو ذلك⁣(⁣٢). وقالوا⁣(⁣٣) في الحظر: هو تعريف المكلف بأن عليه في فعل شيء عقاباً.

  والمحظور: ما عرف المكلف قُبحه. ويكون ضرورياً، كقبح الظلم والكذب الضار، واستدلالياً، كقبح الكذب النافع.

  واعلم أنه (إذا عدم الدليل الشرعي) في الحادثة من الكتاب والسنة والإجماع والقياس (عُمل بدليل العقل) لثبوت كونه مدركاً للتحسين والتقبيح، أما بمعنى ملائمة الشيء للطبع، كالملاذ، ومنافرته له، كالآلام، أو بمعنى كونه صفة كمال كالعلم، أو صفة نقص كالجهل - فاتفاق. وأما باعتبار كون الشيء متعلقاً للمدح عاجلاً و الثواب آجلاً، والذم عاجلاً والعقاب آجلاً - فكذا عند أئمتنا $ والمعتزلة وغيرهم، أعني: أنهما عقليان بذلك⁣(⁣٤) أيضاً؛ إذ لا وجه لحسن الشيء وقبحه إلا و قوعه على وجهٍ في الأصح.

  وقد يستقل العقل بإدراكه: إما بالضرورة، كحسن شكر المنعم، وقبح الظلم، أو بالاستدلال، كحسن الصدق الضار، وقبح الكذب النافع. وقد لا يستقل⁣(⁣٥)


(١) في (أ): «وألَّا عقاب»، وفي (ب): «ولا ثواب ولا عقاب».

(٢) مثل الشرب من الأنهار وتناول ما ينتفع به الحي ولا مضرة فيه على أحد كالنابت في غير ملك. فصول.

(٣) أي: أصحابنا.

(٤) أي: باعتبار أنهما متعلقان للمدح عاجلاً والثواب آجلاً، والذم عاجلاً والعقاب آجلاً.

(٥) في (ج): «وقد لا يستقل العقل».