الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الحقيقة]

صفحة 451 - الجزء 1

  أعني: الفصل والخاصة والعرض والعام، وذلك (كحيوان) بالنسبة إلى الإنسان والفرس، فإنه إذا سأل عن الإنسان والفرس ما هما، كان الحيوان جواباً عنهما، وإن سأل عن كل واحد منهما من الانسان والفرس لم يصلح أن يكون جواباً عن كل واحد منهما؛ لأنه ليس تمام ماهية كل واحد. ولا شك إذا أفردت الإنسان والفرس بالسؤال، فتقول: الإنسان ما هو؟ فجوابه ليس إلا الحيوان الناطق؛ لكونه تمام ماهيته. وكذلك إذا أفردتَ الفرس بالسؤال، فجوابه: الحيوان الصاهل؛ لكونه تمام ماهيته.

  (وإن لا) تختلف تلك الحقائق (فهو النوع) ويرسم بأنه مقول على كثيرين مختلفين بالعدد دون الحقيقة في جواب ما هو.

  فقولنا: «كثيرين» يخرج الجزئي. وقولنا: «مختلفين بالعدد دون الحقيقة» يخرج الجنس؛ لأن النوع إنما هو مقول على كثيرين متفقين بالحقيقة ومختلفين بالعدد، بخلاف الجنس. وقولنا: «مختلفين بالعدد» لكون أفراده مختلفة بالعوارض المشخصات⁣(⁣١). وقولنا: «في جواب ما هو» يخرج الباقية الثلاثة المذكورة. وذلك كإنسان بالنسبة إلى أفراده، أعني: زيداً وعمرواً وبكراً وغير ذلك؛ لأنه إذا سئل عن زيد وعمرو وبكر وغيرهم بِـ «ما هو» كان الجواب: الإنسان؛ لأنه تمام ماهيتهم المشتركة بينهم، وإذا سئل عن زيد فقط كان الجواب الإنسان أيضاً؛ لأنه تمام ماهيته المختصة به، فتعين أنه - أعني: النوع - يكون مقولاً في جواب «ما هو» بحسب الشركة والخصوصية معاً، والجنس مقول كذلك بحسب الشركة المحضة.

  هكذا ذكره المنطقيون؛ بناء منهم⁣(⁣٢) على مصطلحهم أن المندرج كالإنسان


(١) كالطول والقصر، ونحو ذلك كزيد وعمرو وبكر وخالد. شفاء غليل السائل ٢/ ٤٢ ط/١.

(٢) سقط من (ج): «منهم».