الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[المجاز]

صفحة 454 - الجزء 1

  قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ..} الآية [الحج ١٨]، والسجود من الناس مخالف للسجود من غيرهم⁣(⁣١)، وبها احتج الشافعي على كونها حقيقة ظاهرة في الجميع؛ لأن المجاز خلاف الأصل.

  نعم، وأما المتنافية فيحمل عليها على البدل، حتى يظهر⁣(⁣٢) دليل الرجحان⁣(⁣٣).

  نعم، وعلى هذا القياس إطلاق اللفظ على معنييه الحقيقي والمجازي، مثاله: أن تطلق الأسد وتريد به السبع والشجاع؛ فلذلك استغنى عنه بذكر المشترك، إلا أنه يكون حينئذٍ مجازاً لا حقيقة.

  هذا، ولا يخفى أن ذكر المعاني⁣(⁣٤) لمجرد التمثيل، وإلا فالمعنيان كذلك، فلا تفاوت.

[المجاز]

  (فصل) ولما فرغ من بيان الحقيقة أَخَذَ في بيان⁣(⁣٥) المجاز فقال: (والمجاز) في أصل اللغة: مفعَل⁣(⁣٦)، من جاز المكان يجوزه، إذا تعداه، فنقل إلى الكلمة الجائزة، أي: المتعدية مكانها الأصلي. و (هو) في الاصطلاح: (الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له في اصطلاح التخاطب، لعلاقة مع قرينة) فـ «الكلمة المستعملة» كالجنس. وقوله: «في غير ما وضعت له» لتخرج الحقيقة. وقوله:


(١) قال في مرقاة الوصول للسيد داود: والسجود من المكلفين على حقيقته، ومن غير المكلفين بمعنى الانقياد.

(٢) في (ج): «يعلم».

(٣) مثل قولك: ليكن الثوب جوْناً، أي: أسود أو أبيض، فإذا ظهر دليل الرجحان في أحدهما دون الآخر عُمل به. مرقاة السيد داود ص ٦٣ ط/١.

(٤) أي: في قوله: «قال أئمتنا والجمهور: ويصح إطلاقه حقيقة على معانيه غير المتنافية».

(٥) سقط من (أ) و (ج): «بيان».

(٦) أصله: مجْوز تحرك حرف العلة وانفتح ما قبله تقديراً، فقلبت الفاء، والانفتاح اللفظي هو في جاز، فلوحظ هنا، إجراء له مجرى الفعل في الإعلال. مرقاة السيد داود.