الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[المجاز]

صفحة 459 - الجزء 1

  وتنقسم باعتبار فائدتها إلى:

  رافعة، وهي الموجبة صرف اللفظ عن ظاهره، لفظية كانت أو معنوية⁣(⁣١)، وتختص بالمجاز⁣(⁣٢). ومخصصة، وهي الموجبة قصر العام على بعض مدلوله، و المشترك على أحد محتملاته⁣(⁣٣)، وتختص بهما⁣(⁣٤).

  قال في حواشي الفصول: فإن قلت: ما الفرق بين المشترك والمجاز مع أن كلاً منهما تصحبه القرينة؟

  قلت: الفرق من جهتين:

  الأولى: أن المشترك قد لا تصحبه القرينة حيث يراد الإجمال، بخلاف المجاز فلا بد فيه من القرينة.

  الثانية: أن القرينة في المشترك معينة لإحدى حقائقه، والمجاز صارفة له عن حقيقته.

  واعلم أنه لا بد عند بعضهم في المجاز أن يكون بوضع ثانٍ ملحوظ فيه الوضع السابق. ورأي الأكثر أن ذلك غير معتبر، وأن مجرد المناسبة كافٍ. وثمرة الخلاف في ذلك هل يشترط النقل في أفراد المجازات أو لا؟ والأصح أنه لا يشترط، بل يُكتفى بنقل العلاقة، والنقل شرط في أنواعها اتفاقاً.

  لنا: لو توقف أفراد المجاز على نقل لتوقف أهل العربية في التجوز عليه، ومن عَلِم أحوالهم علم أنه لا توقف منهم على ما نُقل، بل يعدون اختراع المجازات من كمال ا لبلاغة؛ ولذلك لم يدونوا الحقائق.


(١) اللفظية: مثل رأيت أسداً يرمي، والمعنوية مثل قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}⁣[يوسف ٨٢].

(٢) لأنها رفعت المدلول الحقيقي للفظ، ومعنى الاختصاص: أنها لا توجد إلا في المجاز، لا أن قرينة كل مجاز رافعة. شرح الفصول.

(٣) نحو إذا أقرأت فاغتسلي، فقوله: اغتسلي قرينة قصرت المشترك على أحد معنييه، وهو الحيض.

(٤) أي: بالعام والمشترك.