الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

تنبيه: [الخلاف في كون الإتيان بالمأمور به يفيد الإجزاء أو لا]:

صفحة 483 - الجزء 1

  نعم، أما من خرج من مغصوب تائباً فآتٍ بواجب، وهو الخروج؛ لأنه مأمور به. قال الجويني: ومستصحب عنده⁣(⁣١) حكم المعصية مع أنه مأمور به. وهو بعيد⁣(⁣٢). وقول⁣(⁣٣) أبي هاشم في الأصح مثل قوله⁣(⁣٤)؛ لا أنه ذهب إلى تحريم الخروج كالوقوف. وتحقيقه⁣(⁣٥): أن أكوان خروجه عندهما لا توصف بكونها طاعة وإن كان بها مأموراً ممتثلاً، واستصحابه لحكم المعصية لتسببه إلى ما لا مخلص له منه إلا معها⁣(⁣٦).

  وحظّ الأصولي⁣(⁣٧) من ذلك بيان استحالة تعلق الأمر والنهي معاً بالخروج، ووجوبه أو تحريمه موكول إلى نظر الفقيه⁣(⁣٨).

  هذا، وقد تحيَّر أكثر الفقهاء في قول⁣(⁣٩) أبي هاشم: ما حُكْمُ الله على مَن سقط فوقع على أوسط جماعة جرحى، إن استمر عليه قتله، وإن انتقل عنه قتل كفوه؟ وجزم الجويني بأنها واقعة خالية عن حكم الشرع. وقيل: هو مخير، وهو المختار. وتوقف الغزالي.

تنبيه: [الخلاف في كون الإتيان بالمأمور به يفيد الإجزاء أو لا]:

  قال أئمتنا $ والجمهور: والإتيان بالمأمور به يفيد الإجزاء؛ إذ هو وقوع الفعل على وجه يخرج عن عهدة الأمر.


(١) أي: عند الخروج. دراري مضيئة.

(٢) إذ المأمور به كيف يعد الآتي به عاصياً. منهاج.

(٣) وهو: من دخل أرضًا غاصبًا ثم خرج بنية التوبة فهو عاصٍ. الدراري المضيئة.

(٤) أي: مثل قول الجويني.

(٥) أي: تحقيق قولهما. هامش (أ).

(٦) أي: مع أكوان خروجه.

(٧) في (أ): «الأصول».

(٨) لأنه الذي يبحث عن أفعال المكلفين من حيث الوجوب والحرمة والصحة والفساد وأما الأصولي فبحثه عن أحوال الأدلة من حيث إثيات الأحكام بها، فعليه أن يبين امتناع تعلق الأمر والنهي بفعل واحد من جهة واحدة كالخروج مثلًا؛ لكونه تكليفًا محالًا. دراري مضيئة معنى.

(٩) أي: في الجواب على قوله: «ما حكم الله فيمن سقط ..» إلخ.