تنبيه: [الخلاف في كون الإتيان بالمأمور به يفيد الإجزاء أو لا]:
  وقال القاضي وأبو هاشم والحاكم: لا يفيده؛ إذ هو وقوع الفعل على وجه يسقط القضاء.
  وقال المنصور بالله # والحفيد: بل الإجزاء مجموع الأمرين.
  وتظهر فائدة الخلاف فيمن صلى بظن الطهارة ثم انكشف له لحدث، فتوصف بالإجزاء عند الأولين، ولا توصف به عند الآخرين، هكذا حكى في الفصول الخلاف في هذه المسألة. والذي ذكره ابن الحاجب وغيره أنه إن فُسِّر الإجزاء: بوقوع الفعل على وجه يخرج عن عهدة الأمر فلا خلاف(١) في أنه يثمره(٢)، وإن فُسِّرَ بسقوط القضاء فمذهب الجمهور أنه يثمره أيضاً، خلافاً للقاضي.
  لنا: لو لم يستلزم الإتيانُ بالمأمور به كما أمر به سقوطَه للزم أن لا يُعلم تخلصٌ عن العهدة، بحيث لا يبقى عليه تكليف بذلك الفعل، واللازم باطل، وإنما قلنا بلزوم ذلك لأنه حينئذٍ يجوز أن يأتي بالمأمور به ولا يسقط عنه، بل يجب عليه فعله مرة أخرى قضاء، وكذلك القضاء إذا فعله لم يسقط كذلك. وأما انتفاء اللازم فمعلوم قطعاً واتفاقاً.
  واعلم أنه إنما يوصف بالإجزاء ما له وجهان في الوقوع، لا وجه واحد، كمعرفة الله تعالى وردّ الوديعة(٣).
(١) في (ج): «فلا إشكال».
(٢) أي: أن الأمر يثمر الإجزاء، أي: إذا أمرت بشيء علمت من الآمر أنك إذا فعلت أجزأك، ولا تحتاج إلى دليل على أنه قد أجزأك. مرقاة الوصول للسيد داود ص ١٠٧.
(٣) قال في حواشي الفصول: ذكر المثالين البيضاوي في منهاجه، قال الإسنوي في شرحه: فإنه إن عرفه تعالى بطريق ما فلا كلام، وإن لم يعرفه فلا يقال: عرفه معرفة غير مجزية، لأن الفرض أنه ما عرف. وكذا أيضًأ رد الوديعة؛ لإنه إما أن يردها إلى المودع أو لا، فإن ردها إلى المودع فلا كلام، وإلا فلا رد البتة. هكذا قال الإمام في المحصول وتبعه عليه صاحب التحصيل ثم المصنف. وهو في المعرفة صحيح، وأما في رد الوديعة فلا؛ لأن المودع إذا حجر عليه لسفه أو جنون فلا يجزي الرد إليه، بخلاف ما إذا لم يحجر عليه؛ فتلخص أن رد الوديعة يحتمل وقوعه على وجهين، فالصواب حذفه كما حذفه صاحب الحاصل. هامش مرقاة الوصول.