مسألة: [هل الأمر بالشيء نهي عن ضده:]
مسألة: [هل الأمر بالشيء نهي عن ضده:]
  اختُلِفَ(١) في الأمر بالشيء هل هو عين النهي عن ضده أو لا؟ (والصحيح أن الأمر بالشيء ليس نهياً عن ضده) ولا يتضمنه، أي: لا يدل عليه بالمطابقة ولا التضمن، فإذا قال: «تحرك» فليس(٢) في المعنى بمثابة أن يقول: لا تسكن. وهذا هو مذهب أئمتنا $ والمعتزلة. واختار بعض المعتزلة أنه يستلزمه، ورجحه في الفصول(٣). وقال الإمام يحيى #(٤) وغيره: إنه لا يستلزمه أيضاً. وعن بعض المعتزلة أن أمر الوجوب يستلزمه، دون أمر الندب.
  واختلفت الأشعرية، فقال الجويني والغزالي وابن الحاجب وغيرهم: ليس عينه ولا يتضمنه ولا يستلزمه. وقال الباقلاني: بل هو عين النهي عن ضده(٥)، ثم قال آخِراً: يتضمنه(٦). واختاره(٧) الآمدي. وقال الرازي: يستلزمه، ولم يفرقوا(٨) بين أمر الوجوب والندب.
  لنا: أن الأمر صيغة طلب فعل، والنهي طلب ترك، والمعلوم أنه لا يستلزم طلب الفعل كراهة ضده؛ إذ أَمَرَ الله تعالى بالنفل ولم يكره ضده، ...
(١) في (ج):» واختلف».
(٢) في (ب):» فليس هو».
(٣) لفظ الفصول: والمختار لأئمتنا وبعض المعتزلة أنه يستلزمه.
(٤) وحكاه لأئمتنا $ والمعتزلة. مرقاة الوصول.
(٥) متمسكاً بأن فعل السكون مثلاً هو عين ترك الحركة؛ إذ البقاء في الحيز الأول هو بعينه عدم الانتقال إلى الحيز الثاني، وإنما يختلف التعبير عنه، ويلزم منه أن يكون طلب فعل السكون هو طلب ترك الحركة. وأجيب: بأنه يرجع النزاع لفظياً في تسمية فعل المأمور به تركاً لضده، وفي تسمية طلبه نهياً، ويكون طريق ثبوته النقل لغة، ولم يثبت، على أنه إنما يتم في مثل الحركة والسكون مما يكون أحدهما عدماً للآخر، بخلاف الأضداد الوجودية كالقيام والقعود. هامش مرقاة الوصول.
(٦) قال في حواشي الفصول: إن أراد الباقلاني بالتضمن: التضمن المصطلح عليه فالظاهر خلاف ذلك، وإن أراد به هنا ما يشمل الالتزام فحينئذٍ يكون هذا وما قبله قولاً واحداً لا قولين. هامش مرقاة الوصول
(٧) أي: القول الأخير للباقلاني.
(٨) أي: الأشعرية.