الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [هل الأمر بالشيء نهي عن ضده:]

صفحة 486 - الجزء 1

  وهو⁣(⁣١) وإن كان للندب فلم يقتض كون ضده مكروهاً، وإلا لزم أن لا يوجد مباح؛ إذ ما من مباح إلا وهو ترك مندوب، وإذا لم يصح ذلك في مجاز الأمر⁣(⁣٢) لم يلزم في حقيقته⁣(⁣٣).

  وأيضاً لو كان نفس النهي عن ضده أو يتضمنه عقلاً لم يحصل⁣(⁣٤) بدون تعقل الضد والكف عنه⁣(⁣٥)؛ لأن الكف عن الضد هو مطلوب النهي، ويمتنع أن يكون المتكلم طالباً لأمرٍ لا يشعر به، فيكون الكف عن الضد متعقلاً⁣(⁣٦) له، وما ذلك إلا بتعقل مفرديه، وهما: الضد والكف عنه، ونحن نقطع بطلب حصول الفعل مع الذهول عنهما.

  قال الجمهور: (ولا العكس) أيضاً، أي: النهي عن الشيء ليس أمراً بضده، خلافاً للباقلاني.

  قلنا: يلزم أن يكون الزنا واجباً من حيث هو ترك لواطة؛ لأنه ضده، وبالعكس؛ فتكون اللواطة واجبة من حيث هي ترك الزنا، و بطلان ذلك معلوم ضرورة.

  قال أئمتنا $ والمعتزلة: وكذلك ليس الآمر بالشيء ناهياً عن ضده، خلافاً للباقلاني. ودعواه للاتفاق في الفاعل باطلة.

  قلت: وكذلك العكس⁣(⁣٧) على قياس ما تقدم.


(١) أي: الأمر بالنفل.

(٢) وهو الندب.

(٣) وهو الوجوب.

(٤) أي: الأمر بالشيء. هامش (ج).

(٥) عبارة مرقاة الوصول: وأيضًا لو كان الأمر نهيًا صريحًا أو تضمنًا له لم يصح منا أن نوقع أمراً بشيء إلا وقد تصورنا ضده والكف عنه؛ لأنه مطلوب النهي، ونحن نقطع بأنه يصح منا الطلب لأمر مع الذهول عن ضده والكف عنه.

(٦) في (ج): «متعلقاً».

(٧) أي: ليس الناهي عن الشيء آمرًا بضده.