مسألة: [ما يقتضيه النهي المطلق والمقيد:]
  في كونها للحظر، وأنَّ تقدم الإيجاب ليس قرينة كونها للإباحة، كما سلف في الأمر من أن تقدم الحظر على صيغة «افعل» يكون قرينة على أنها للإباحة عند الأكثر من القائلين بأنها للوجوب.
مسألة: [ما يقتضيه النهي المطلق والمقيد:]
  وهو مطلق ومقيد (ويقتضي مطلقه الدوام) أي: دوام الانتهاء لغة وشرعاً عند أئمتنا $ والجمهور، إلا لقرينة تصرفه إلى المرَّة، نحو: لا تأكل اللحم ما دمت أليماً؛ ولذلك(١) قيل: النفي المطلق يعم(٢)، بخلاف الوجود المطلق(٣).
  وقال الرازي: إذا ترك المنهي عنه في الوقت الذي يلي النطق بالنهي فقد امتثل، ولو فعله من بعد؛ لأنه ذهب إلى أنه لمطلق طلب الكف، من غير دلالة على التكرار و المرَّة.
  لنا: لم يزل العلماء يستدلون بالنهي على الترك مع اختلاف الأوقات، لا يخصصونه بوقت دون وقت، ولولا أنه يقتضيه لما صح ذلك.
  قال أئمتنا $، والجمهور: وكذا مقيده بوصفٍ أو شرطٍ يقتضي التكرار، نحو: العالم لا تهنه، و نحو: إن كان فاسقاً فلا تكرمه؛ فحكمه حكم المطلق عندهم.
  وقال أبوعبدالله، وبنى عليه المصنف: (لا) يقتضي (مقيده) التكرار، بل للانتهاء مرة(٤) إلا لقرينة تقتضي الاستمرار.
  لنا على قول الجمهور: أنه قد ثبت اقتضاؤه للتكرار مع الاطلاق، والتقييدلا يخرجه عن موضوعه، بل التكرار مع التقييد أظهر؛ ولذا قال بالتكرار
(١) أي: ولأجل أنه لداوم الانتهاء. الدراري المضيئة.
(٢) كل منفي، وهذا في معنى النفي. المصدر السابق.
(٣) ألا ترى أنك إذا قلت: «ما جاءني زيد» فإنه يفيد أنه لم يأتك في زمن من الأزمنة، بخلاف قولك: «جاءني زيد» فإنه لا يفيد أنه جاءك في كل وقت، إنما يفيد أنه جاءك في وقت ما، وهذا لا شك فيه. دراري مضيئة.
(٤) فيمتثل بترك الإكرام مرة عند حصول ما قيد به.