الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[4 - تقدير الإضمار في المعطوف مع العام المعطوف عليه]

صفحة 531 - الجزء 1

[٤ - تقدير الإضمار في المعطوف مع العام المعطوف عليه]:

  مسألة: قال أئمتنا $ والجمهور: (و) إذا كان الخطاب مركباً من جملتين إحداهما معطوفة على الأخرى فإنه (لا) يخصص العموم في الأولى (بتقدير) ما يخصص به ما (أُضمر في المعطوف) وهو ما أظهر (مع العام المعطوف عليه) خلافاً للحنفية، فإنهم يوجبون التخصيص بذلك.

  ومثال المسألة قوله ÷: «ألا لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده»، فالتقدير هنا عند الحنفية: ولا ذو عهد في عهده بكافر حربي؛ وإنما قُدِّرَ بكافر لتزدوج الجملتان في الحكم؛ لأن حرف⁣(⁣١) العطف يقتضي ذلك؛ ولما كان الكافر المعاهد يقتل بالكافر المعاهد بالإجماع كان الكافر المنهيُّ عن قتل المعاهد به هو الحربي؛ فلذا قُدِّرَ حربي أيضاً، وإذا كان كذلك وجب أن يقدر في المعطوف عليه حربي أيضاً، فيكون الكافر الأول للحربي فقط؛ لكون الثاني كذلك، فيبقى الذمي داخلاً تحت قوله تعالى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}⁣[المائدة ٤٥]، فيقتل المسلم بالذمي.

  لنا: أن الموجب للعموم في المذكور والمقدر متحقق؛ لوقوع النكرة في سياق النفي، والمخصص موجود في الثاني - وهو النص والإجماع - دون الأول، فوجب القول بخصوص الثاني دون الأول، ولا نسلم إضمارَ حربي وتقديرَه في المعطوف عليه، ولا أنَّ ما ذكرتم⁣(⁣٢) يقتضي ذلك، سلمنا، فلا نسلم وجوب تقدير شيء هنا في المعطوف، بل مراده ÷ ولا يقتل ذو عهد ما دام في عهده؛ تحريماً لخرم العهد فقط؛ بقرينة ترتب الحكم على الوصف.


(١) في (ج): «حروف».

(٢) من أن حروف العطف تقتضي ذلك. هامش (ج).