فصل في الظاهر والمؤول
  قلت: الصحيح أن المتشابه ليس من المجمل، وقد مر. وقد لحظَ السيد(١) في الحد إلى ما ذكره من أن قصر المشترك على بعض ما وضع له - كالقرء للحيض والطهر - من البيان لا من التأويل، ولا يبعد أن يأتي ذلك في قصر العام على بعض مدلوله لمخصص. والمصنف جعلهما من باب التأويل على ما يأتي، ويشعر به حد المؤول، ولا يمتنع أن يكونا بياناً على أصله، والله أعلم.
  (والتأويل) لغة: مشتق من آل يؤول، إذا رجع.
  واصطلاحاً: (صرف اللفظ عن حقيقته إلى مجازه، أوقصره على بعض مدلوله لقرينة اقتضتهما) والقرينة: إما عقلية، كتأويل اليد في بعض مواقعها في القرآن بالنعمة، إذ هي حقيقة في العضو، لكن لما قامت الدلالة القاطعة على أنه تعالى ليس بجسم حملناها على خلاف حقيقتها وقلنا: أراد بها النعمة؛ لكثرة استعمال اليد فيها عند أهل اللغة.
  وإما حالية، قلت: كما جاء في الحديث عنه ÷: «لعن الله السارق يسرق البيضة»، فإنه إذا فرض أنه قال ذلك وهو يلبس لامة حربه عند قيام الحرب صرفت هذه الحالة لفظ البيضة من بيضة الدجاجة إلى بيضة الحديد التي تجعل فوق الرأس؛ إذ حالة الحرب مع لبسِ لامته وعدمِ بيضةالدجاجة(٢) يقتضي ذلك، والله أعلم.
  وإما مقالية، كقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى ١١]، فإن هذا يصرف ما ظاهره التجسيم من الآيات والأخبار عن الظاهر.
  قال في الفصول: وتعرف ظواهر الكتاب والسنة وتأويلها بالسمع اتفاقاً، وبالعقل واللغة العربية، خلافاً للحشوية. وقالت الإمامية والباطنية: من الإمام أو من علّمه فقط.
(١) أي: السيد صارم الدين مؤلف الفصول.
(٢) في (أ) و (ب) و (ج): «الحديد»، وظنن على ما أثبتناه في (أ)، وهو الموجود في شرح الطبري.