مسألة:
  في جميع ما بلّغوه عن الله [أو بعضه](١) - فهو آثم كافر أيضاً؛ لأن المُجسِّم يعبد غير الله، ويعتقد أن التأثير لذلك الغير، كالوثنية، والمنجمة، والطبائعية؛ ولا خلاف في كفرهم مع اجتهادهم.
  والمتأول للشرائع بالسقوط - نحو: الباطنية - مكذبٌ لرسول الله ÷ فيما جاء به، فهو كمن كذبه، ولا(٢) خلاف في كفره مع اجتهاده.
  ومن أخطأ في غير ذلك بعد التحري فمعفوٌ عنه؛ لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ}[الأحزاب ٥] ولم يفصل، وقوله ÷: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان» ولم يفصل، وللإجماع على أنه من نكح امرأة في العدة جهلاً غير آثم، مع أنه قد خالف ما علم من الدين ضرورة.
مسألة:
  (وأما المسائل) الشرعية (الظنية العملية(٣)) فقد اختلف فيها، فذهب أبو طالب #، وأبو علي، وأبو هاشم، والقاضي، وأبو عبدالله، والمؤيد بالله #، والباقلاني، والكرخي، وحكاه عن أصحاب أبي حنيفة: إلى أنه لا حكم لله فيها مُعيَّن قبل الاجتهاد (فكل مجتهد فيها مصيب) والمطلوب من كل مجتهد ما أدى إليه ظنه. ثم اختلفوا، فعند متأخري أئمتنا $ والجمهور: أنه لا أشبه فيها عند الله، وإنما مراده تابع لظن كل مجتهد(٤)، وكل منها أشبه بالنظر إلى قائله.
  وقال بعض الحنفية والشافعية: بل الأشبه منها عند الله هو مراده منها، ولقبوه بالأصوب، والصواب، والأشبه عند الله. وقد يصيبه المجتهد وقد يخطئه؛ ولذلك يقال: أصاب اجتهاداً لا حكماً.
(١) ما بين المعكوفين مضاف من الأساس لعقائد الأكياس.
(٢) في (ج): «فلا».
(٣) وهي التي لا قاطع فيها من نصٍ أو إجماع مما يطلب فيه العمل لا مجرد الاعتقاد. قسطاس.
(٤) أي: أن ما ظنه فيها كل مجتهد فهو حكم الله فيها.