[الاجتهاد]
  وقد يقع في كلام بعضهم ما يقتضي التخطئة، وهو رأي بعض شيعتهم؛ ولذلك كانت القاسمية(١) من الديلم، والناصرية(٢) من الجيل - يخطّئ بعضهم بعضاً إلى زمن المهدي أبي عبدالله بن الداعي #(٣)، فأوضح لهم أن كل مجتهد مصيب، وكذلك كان جمهور اليحيوية(٤) باليمن يخطئون مخالف يحيى # إلى زمن المتوكل على الله أحمد بن سليمان #.
  وحجة أهل التصويب: إجماع الصحابة المعلوم؛ لأنه ظهر منهم عدم التأثيم والتخطئة فيما اختلفوا فيه من الميراث وغيره، وكذلك لم ينقض أحد منهم حكم الآخر، فاقتضى الإصابة، وإلا كان اجماعاً منهم على الخطأ(٥)، وقد عرفت أن الأمة لا تجمع على خطأ.
  قال الإمام الحسن #: وقد ينازع في صحة وضع هذا الدليل، فإن هذه المسألة قطعية، ومن(٦) معظم مباحث هذا الفن، فلا بد فيها من دليل قطعي، وما ذكرتموه في نقل اختلافهم من دون تأثيم وتخطئة ونقضٍ - أخبارُ آحاد لو صحت فغايتها الظن، سلّمنا صحتها، لكن لا نسلم دلالتها على التصويب إلا لو كان الخطأ عند الخصوم ما يقال في مقابلة الصواب؛ إذ هذا هو الذي يجب إنكاره، لكنه عندهم ما يقال في مقابلة الإصابة، ولعل من يقول بالتأثيم منهم يقول: بأنه معفوٌ عنه، فلا يجب إنكاره، سلّمنا دلالته على التصويب،
= وأما المتقدمون فمسائلهم الفقهية تشير إلى ذلك وإن لم يصرحوا به.
(١) أتباع الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي #.
(٢) أتباع الإمام الناصر الأطروش #.
(٣) هو أبو عبدالله محمد بن الحسن بن علي بن عبدالرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن أبي طالب $، من أئمة الزيدية في الجيل والديلم، (ت ٣٦٠ هـ). انظر التحف شرح الزلف للإمام الحجة مجد الدين المؤيدي #.
(٤) أتباع الإمام الهادي يحيى بن الحسين #.
(٥) وهو الإخلال بالإنكار مع وجوبه. مرقاة السيد داود.
(٦) في (ج): «من» بدون حرف عطف.