[الاجتهاد]
  وأن الخطأ في مقابلة الصواب، لكنه إنما نقل ذلك عن بعض الصحابة فلا يكون دليلاً، سلّمنا أن ذلك كافٍ، لكن إذا لم يقع نكير، ولا نسلم نفي الإنكار، كيف وقد احتج الخصوم على خلاف ما ادعيتم بإجماع الصحابة على إطلاق الخطأ في الاجتهاد كثيراً، وأنه شاع وذاع من غير نكير فكان إجماعاً.
  منه ما روي عن علي # وزيد وغيرهما من تخطئة ابن عباس في ترك العَوْل، وهو خطّأهم، حتى قال: من باهلني باهلته.
  وعن علي كرم الله وجهه أنه قال لعمر في قضية المرأة التي استحضرها فألقت ما في بطنها، فقال عبدالرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان: إنما أنت مؤدب لا نرى عليك شيئاً: (إن كانا قد اجتهدا فقد أخطأا، وإن لم يجتهدا فقد غشّاك) من الغش، وهو الخيانة، وذلك كثير، سلّمنا عدم الإنكار ظاهراً، لكنه لا يدل على الموافقة؛ إذ لعلهم أنكروا باطناً ولم يظهروا؛ لما مرّ في الإجماع السكوتي من الأسباب الداعية إلى السكوت.
  واحتجوا أيضاً - أعني: المصوبة - بقوله ÷: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم»، ولو كان بعضهم مخطئاً في اجتهاده لم يكن في متابعته هدى(١)، فإن العمل بغير حكم الله ضلال.
  واعترض بأن كونه ضلالاً من وجه لا يمنع من كونه هُدى من وجه آخر، وهذا هدىً؛ لأنه قد فعل ما يجب عليه، سواء كان مجتهداً أو مقلداً، فيجب العمل بالاجتهاد للمجتهد ولمقلده(٢).
  واعلم أن ممن ذهب إلى التخطئة إمام زماننا - أيده الله تعالى - وبَلَغَ في نُصرة هذا القول وردِّ شبه(٣) مخالفيه مبلغاً عظيماً، وحجته قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ
(١) في (ب): «اهتداء».
(٢) في (ج): «والمقلد».
(٣) في (أ) و (ج): «شبهة».