الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [أحكام تتعلق بالمفتي:]

صفحة 632 - الجزء 1

  وأما الإمام شرف الدين # فقد صحح جواز ذلك. قال المصنف: وهو مقتضى ما نقل عن تعليق الإفادة أن من التزم مذهب أهل البيت $ جملة لم يكن له أن يعمل بقول من يخالف مذهبهم.

  وعلى جوازه فيكون المقلد لهم عاملاً بأقوالهم جميعاً حيث يتفقون، مخيراً بينها حيث يختلفون. (ولا يجمع) ملتزمٌ أو مقلدٌ أو مستفتٍ (بين قولين) فصاعدا في حكم و احد (على وجه لا يقول به أيُّ القائلين) كأن يتزوج من دون ولي عملاً بقول أبي حنيفة، ومن دون شهود عملاً بقول مالك، حيث يصحح ذلك؛ إذ يكون بذلك خارقاً للإجماع؛ لأنه لا يقول به أحد من العلماء.

  والعلة⁣(⁣١) - على ما ذكره الإمام شرف الدين # - في ذلك هي خرق الإجماع، لا لمجرد خروجه عن تقليد كلٍ منهما كما في الأزهار والفصول والكافل.

مسألة: [أحكام تتعلق بالمفتي:]

  المفتي إما أن يكون مجتهداً أو غير مجتهدٍ، إن كان مجتهداً فلا يفتي إذا سُئل عما عنده إلا باجتهاده، لا باجتهاد غيره من حي أو ميت، وإلا لجاز⁣(⁣٢) من العامي الصرف⁣(⁣٣) أن يفتي من أي كتاب وقف عليه، لكنه لا يجوز ذلك من العامي بالإجماع؛ فلا يجوز للمفتي أن يفتي حينئذٍ بغير اجتهاده، فإن سُئل الحكاية عنه لم يتجه غيرها؛ ليتطابق السؤال والجواب⁣(⁣٤).

  وإذا لم يتقدم له اجتهاد في الحادثة وجب عليه الاجتهاد فيها قبل الفتيا اتفاقاً،


(١) في (أ) و (ج): «فالعلة».

(٢) لأنه إذا جاز أن يفتي السائل بمذهب غيره لم يكن بينه وبين الحاكي فرق، والحكاية تجوز من العامي، فيجوز حينئذٍ من العامي أن يحكي من كتب المجتهدين ما يفتي به غيره. مرقاة الوصول للسيد داود.

(٣) قد يقال: بأن العامي الصرف لا يصح توليه للفتوى؛ للإجماع على أن من حق المفتي أن يكون ذا بصيرة باجتهاد أو تقليد. قسطاس.

(٤) في (ب): «ليطابق السؤال الجواب».