الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [أحكام تتعلق بالمفتي:]

صفحة 633 - الجزء 1

  وإن تقدم ولم يذكره فكذلك، وإن ذكره لم يجب عليه تجديده، خلافاً للشهرستاني كما مرّ، اللهم إلا أن يتجدد ما يقتضي الرجوع.

  فإذا تكررت الحادثة للمستفتي لم يلزمه سؤال المفتي ثانياً ولو استندت إلى قياس على المختار⁣(⁣١). ولا يفتي فيما يحكم فيه⁣(⁣٢). ولا يجب عليه تعريف مستند الفتيا، خلافاً للبغدادية، كما مرّ.

  وللمستفتي أن يسأل عن المستند استرشاداً.

  وإذا أفتاه بمجمع عليه لم يخيّره في القبول اتفاقاًَ، ولا يخيره في المختلف فيه بين قوله وقول غيره، خلافاً لأبي الحسين؛ إذ المستفتي إنما سأله عما عنده، فلو خيّره لم يؤدِ حق الجواب، وهو المطابقة. أما لو عرف من قصد السائل خلاف ذلك كان له أن يفتيه كذلك.

  فأما إخباره بأن هذا مختلف فيه فجائز اتفاقاً.

  ويجب على المستفتي سؤال غير المفتي إذا لم تسكن نفسه بفتواه، هذا إذا كان المفتي مجتهداً.

  (و) أما إذا كان غير مجتهد⁣(⁣٣) فإما أن يكون افتاؤه حكاية أو غيرها، إن كانت حكاية فهو (يجوز لغير المجتهد) إذا كان له رشد - وهو العارف بالفروع - (أن يفتي بمذهب مجتهد حكاية مطلقاً) سواء كان مطلعاً على المأخذ، أهلاً للنظر في الترجيح أم لا، و هذا لا خلاف فيه.

  وإن كان غير حكاية فقد اختلف فيه، وجملة ما في ذلك من المذاهب أربعة:

  الأول لابن الحاجب، واختاره الإمام المهدي #: أنه يجوز له أن يفتي


(١) قوله: على المختار: إشارة إلى قول بعضهم: إن الفتيا إذا أسندت إلى قياس وجب على المستفتي معاودة السؤال إذا تكررت الحادثة؛ لجواز أن يكون المجتهد قد ظفر بنص أو خبر يكون مبطلاً للقياس. الدراري المضيئة.

(٢) لأن ذلك مظنة تهمة بأن حكمه بهذا لأجل سبق فتواه به. المصدر السابق.

(٣) في (ب): «وإن كان غير مجتهد ..» إلخ.