الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [فرض المستفتي عند اختلاف أقوال المفتين في المسألة]:

صفحة 635 - الجزء 1

  (المستفتي غير الملتزم) لا حاجة إلى هذا القيد⁣(⁣١) إلا إذا قلنا: إن المستفتي أعم⁣(⁣٢) - فقد اختلفوا ما فرضه حينئذٍ؟

  (فقيل:) إنه يخير في الرجوع إلى أيهم (حتى يأخذ بأول فُتيا) من أيهم⁣(⁣٣)، فيتحتم عليه أن يأخذ برخصه وعزائمه⁣(⁣٤)؛ لزيادة اختصاصه بالرجوع إليه، فالعدول عنه تحكم⁣(⁣٥) وتتبع للشهوات⁣(⁣٦).

  (وقيل: بما ظنه الأصح. وقيل: يخير) فيأخذ بأي الأقوال شاء في أي حادثة من غير حَجْر.

  (وقيل:) بل (يأخذ) في كل حادثة (بالأخف) من أقوالهم، إذا كان ذلك (في حق الله تعالى) دون الأثقل؛ لقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}⁣[البقرة ١٨٥]، وقوله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}⁣[الحج ٧٨] (و) يأخذ في كل حادثة (بالأشد) الأثقل من أقوالهم حيث كان ذلك (في حق العباد) لأنه أحوط.

  (وقيل:) بل (يخير في حق الله تعالى) لأنه أسمح الغرماء (ويعمل في حق العباد بحكم الحاكم) وإلا لاتسع الشجار؛ إذ يختار أحد الخصمين خلاف ما اختاره الآخر.

  واعلم أن المصنف ¦ تعالى حكى الأقوال في هذه المسألة ولم يُشْعِر كلامه


(١) أي: قوله: غير الملتزم.

(٢) والملتزم أخص منه، أو يكون الاستثناء منقطعًا.

(٣) في (ج): «فيها من أيهم».

(٤) لفظ القسطاس: فيتحتم عليه حينئذٍ الأخذ في تلك الحادثة، وفي غيرها برخصه وعزائمه.

(٥) لأنه بعد اختياره لأحدهم ثم عدوله إلى غيره ترجيح لا لمرجح، وهو تحكم باطل. قسطاس.

(٦) لأن قد ثبت أن كل واحد لا مزية له على صاحبه في جواز الرجوع إليه، وإذا لم يكن هناك مزية فانتقاله إلى مذهب آخر في حادثة أخرى اتباع للهوى والتشهي، والشرع لا يقول بذلك. شفاء غليل السائل للطبري ٢/ ٢٣٩ ط/الأولى مكتبة أهل البيت $.