الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [حكم العامي الذي لا يعقل معنى التقليد]:

صفحة 636 - الجزء 1

  بمختار، والذي عليه الجمهور واختاره في المعيار والفصول هو القول بالتخيير؛ للقطع بوقوع ذلك في زمن الصحابة وغيره؛ فإن الناس في كل عصر يستفتون المفتين⁣(⁣١) كيفما اتفق من غير تفصيل ولا فرق، فلا يلتزمون سؤال مفتٍ بعينه، هذا، وقد شاع وتكرر، ولم ينكر.

  نعم، إذا صح دعوى ابن الحاجب الاتفاق على أن العامّيّ إذا عمل بقول مجتهد في حادثة فليس له الرجوع إلى غيره - كان محل النزاع غير ذلك. قال الإمام الحسن #: ويقرب من الاستواء التباس الحال وجهل العامي بالأرجح⁣(⁣٢).

مسألة: [حكم العامي الذي لا يعقل معنى التقليد]:

  (ومن لا يعقل معنى التقليد) والاستفتاء من العوام (لفرْط(⁣٣) عامِّيته) بأن يكون صِرْفاً لا رُشْدَ له ولا اهتداء إلى معرفة شيء من الفروع، ولا يستند في الأحكام الشرعية إلى قول مجتهد معين، لا استفتاءً ولا تقليداً، بل إلى جملة الإسلام (فالأقرب أنه) يفصل فيه ويقال: إنه (يُقر على ما لم يخرق الإجماع مما قد فعله) عبادة أو معاملة (معتقداً) أو ظانًّا (لجوازه وصحته) فحكمه حكم المجتهد في ذلك، فيكون مذهباً لذلك العامي، والتزاماً لمذهب من قال بصحته.

  (ويفتي(⁣٤) فيما عدا ذلك) وهو ما لم يكن قد فعله، أو فعله معتقداً لفساده، أو لا اعتقاد له رأساً (بمذهب أهل(⁣٥) جهته ثم أقرب جهة إليها). والله أعلم.

  قلت: وهذا التفصيل الذي ذكره المصنف ¦ خلاف المروي عن أبي مضر


(١) في (ج): «المفتي».

(٢) أي: إذا جهل العامي أيَّ المفتين أرجح.

(٣) أفرط في الأمر، أي: جاوز فيه الحد والاسم منه وهو الفرط بفتح الفاء وسكون الراء. صحاح.

(٤) في نسخة كاشف لقمان: ويعامل.

(٥) في نسخة كاشف لقمان: بمذهب علماء.