الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [الترجيح بين النقليين بأمر خارج:]

صفحة 656 - الجزء 1

  الأول: أنه (يرجح الخبر) أيضاً (بموافقته لدليل آخر) من كتاب⁣(⁣١) أو سنة⁣(⁣٢) أو إجماع أو قياس - على مخالفه؛ إذ هو⁣(⁣٣) أغلب على الظن؛ ولأن مخالفة دليلين أشد محذوراً.

  (أو) بموافقته (لأهل المدينة) أو للخلفاء، أو أكثر القرابة، أو الصحابة، أو قول الوصي كرم الله وجهه عند من جعل مذهبه لا يقطع الاجتهاد - على مخالف عملهم⁣(⁣٤)؛ لأن أمر النبي ÷ بمتابعتهم والاقتداء بهم مما يفيد غلبة الظن، وكذا كونهم أعرف بأحكام التنزيل، وأسرار التأويل، ومواقع الوحي؛ ولهذا اعتبر عمل أهل المدينة. (أو) بموافقته (للأعلم) على مخالف عمله، لمثل ما ذكر في عمل أهل المدينة.

  (و) الثاني: أنه يرجح (بتفسير راويه) إما بقوله، كقوله ÷: «لا يَغْلَقُ الرهن بما فيه» فإن روايه فسره بأن معناه: لا يصير الرهن مضموناً بالدين، أو بفعله، كما يروى عن ابن عمر أنه لما سمع قوله ÷: «المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا» كان بعد ما يبيع شيئاً يمشي خُطَاً يسيرة؛ لقطع خيار المجلس - على ما⁣(⁣٥) لم يفسره؛ لأنه أعرف بما رواه، فيكون ظن الحكم به أوثق.


(١) نحو حديث: «من نام عن صلاته أو نسيها فليصلها إذا ذكرها فإن ذلك وقتها» يعارضه حديث النهي عن الصلاة في الِأوقات المكروهة، لكن الحديث الأول يعضده ظواهر من الكتاب مثل قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}⁣[البقرة ٢٣٨] وقوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}⁣[آل عمران ١٣٣]. شفاء غليل السائل ٢/ ٢٦٠.

(٢) نحو حديث: «لا نكاح إلا بولي» مع حديث: «ليس للولي مع الثيب أمر»، فإن الأول موافق لحديث: «أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل». شفاء غليل السائل م/٢٦٠ مكتبة أهل اليت.

(٣) أي: الموافق لدليل آخر.

(٤) أي: يقدم الموافق لعمل أهل المدينة، أو لعمل الخلفاء أو أكثر القرابة أو الصحابة على الذي لم يعملوا بمقتضاه.

(٥) على من لم يفسره «نسخة» نبه عليها في (أ).