الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[ما يجب الاحتراز عنه في الحدود]

صفحة 670 - الجزء 1

[ما يجب الاحتراز عنه في الحدود]:

  (و) اعلم أنه (يجب) على المُعرِّف (الاحتراز في الحدود عن تعريف الشيء بما يساويه في الجلاء والخفاء) فلا يقال: المتحرك: ما ليس بساكن. والزوج: ما ليس بفرد؛ لتساوي المتحرك والساكن والزوج والفرد معرفةً وجهالةً، فإن من عرف أحدهما عرف الآخر، ومن جهل أحدهما جهل الآخر. وإنما لم يجز بالمساوي معرفةً لأن المعرِّف يجب أن يكون أقدم معرفة من المعرَّف، وما يساوي الشيء معرفةً وجهالةً لا يكون أقدم معرفةً.

  ويجب أيضاً الاحتراز فيها عن تعريف الشيء بالأعم؛ لأن المقصود من التعريف إما تصور المعرَّف بالكُنْه، أو بوجهٍ يميزه عن جميع ما عداه، والأعم لا يفيد شيئاً منهما. ويجب أيضاً الاحتراز فيها عن تعريف الشيء بالأخص؛ لأنه أقل وجوداً في العقل، وما هو أقل وجوداً في العقل يكون أخفى. ويجب أيضاً الاحتراز فيها عن تعريف الشيء بالأخفى؛ لأن المساوي إذا لم يصح⁣(⁣١) فالأخفى بطريق الأولى.

  فقد عرفت أنه يشترط في المعرِّف شرطان:

  الأول: أن يكون مساوياً للمعرَّف بحيث يصدق كل واحد منهما على جميع أفراد الآخر؛ لأنه إن كان نفس المعرَّف فباطلٌ؛ لأن المعرِّف معلوم قبل المعرَّف، والشيء لا يعلم قبل نفسه، وإن كان غير المعرَّف فهو إما أعم أو أخص، والتعريف بهما لا يصح كما تقدم، فبقي أن يكون مساوياً.

  الثاني: أن يكون أجلى من المعرَّف لا مساوياً ولا أخفى؛ لما ذكرناه أولاً.

  (و) يجب أيضاً الاحتراز فيها عن تعريف الشيء (بما لا يعرف إلا به بمرتبة أو مراتب) لأنه يؤدي إلى الدوران، مثال الأول: أن يقال: الكيفية ما بها تقع


(١) في (أ): «يصلح».