الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[أنواع العلم]

صفحة 86 - الجزء 1

  على ما اقتضته الأمارة⁣(⁣١) ويحتمل عنده خلاف ما اقتضت، إن احتمل ذلك⁣(⁣٢) وهو راجح فظن، أو مرجوح فوهم⁣(⁣٣)، أو مساوٍ فشكٌّ⁣(⁣٤).

[أنواع العلم]:

  (وهو) أي: العلم نوعان: (ضروري) من فعل الله، (واستدلالي) من فعلنا.

  (فالضروري:) هو (ما لا ينتفي) عن النفس (بشك ولا شبهة). وهو الواقع لا بواسطة نظر، كالعلم الواقع بأحد الحواس⁣(⁣٥) الخمس التي هي: حاسة السمع، والبصر، والشم، والذوق، واللمس. وكالعلم الواقع بالتواتر، كعلمنا ببغداد والبصرة، فإنا وإنْ لم نشاهدهما نقطع بوجودهما. وسيأتي الكلام على المتواتر.

  ومن العلم الضروري: الوجدانيُّ، وهو ما لا يفتقر إلى عقل، كالمتعلق بالجوع والألم؛ ولهذا تدركهما البهائم.

  ومنه ما هو أوليٌّ: وهو ما يحصل بمجردِّ العقل، كالعلم بأنَّ الكلَّ أكثرُ من الجزء، وأنَّ الخمسةَ أقلُّ من العشرة.


(١) أي: الأمارة الشرعية، وهي قوله ÷: «لا عمل إلا بنية ..». مرقاة الوصول.

(٢) أي: النقيض، وقوله: «وهو راجح» أي: حال كون احتمال النقيض راجحًا.

(٣) أي: إذا كان احتمال النقيض مرجوحًا فهو وهم.

(٤) قال السيد داود في المرقاة بعد ذكر هذا التقسم: فصار حد العلم: الاعتقاد الذي لا يحتمل متعلقه نقيض ما تناوله. والظن: ترجيح أحد المحتملين لأمارة صحيحة. والوهم: ترجيح ما ليس براجح في نفس الأمر لأمارة كاذبة. والشك: ما استوى أمارتا ظن ثبوته وانتفائه. انظر مرقاة الوصول ص ٥٣٦ مركز الإمام عز الدين بن الحسن (ع).

(٥) فإن العلم يحصل بمجرد الإحساس بها، فحصول الصوت في الأذن يكفي في الإدراك، وكذا فتح الحدقة لرؤية ما يمكن إبصاره، وملاقاة البشرة للملموس، وتنشق الهواء المتروح برائحة المشموم، وملاقاة المذوق للعصبة المحيطة بسطح اللسان، ويسمى ضرورياً؛ لأنه يضطر إليه بحيث لا يمكن دفعه من النفس، ولا يحتاج فيه إلى نظر واستدلال. نقلاً من هامش الكاشف.