[الدليل الثاني: السنة]
[وقوع الكذب على رسول الله ÷]
  وإنما اشترطت هذه الشروط لينتفي ظن الكذب؛ إذ الكذب على الرسول ÷ معلوم الوقوع، إما في الماضي وإما في المستقبل؛ لقوله ÷ فيما روي عنه: «سيكذب علي كما كذب على الأنبئاء من قبلي، فما روي عني فاعرضوه على كتاب الله، فما وافقه فهو مني وأنا قلته، وما لم يوافقه فليس مني ولم أقله»، فإن كان هذا الحديث كذباً فقد كُذِب به عليه، وإن كان صدقاً لزم أن يقع الكذبُ.
[سبب وقوع الكذب على رسول الله ÷]
  وسبب الوقوع: إما النسيانُ من الراوي، بأن يسمع خبراً وطال عهده به فزاد وظنه من كلامه، فإنهم كانوا يسمعون الحديث في الخطب والمقامات المشهورة، ثم يغفل الإنسان مدة، ثم يروي ذلك الحديث ولم يكن قيَّده بالكتابة.
  ومن هذا النوع الذين امتحنوا بأولادهم(١)، أو بوراقين(٢) لهم، فوضعوا لهم أحاديث ودسوها عليهم، فحدثوا بها من غير أن يشعروا، كعبدالله بن محمد بن ربيعة القدامي(٣).
  أو الغلطُ، بأن يريد أن ينطق بلفظ فيسبق لسانه إلى غيره ولم يشعر، أو يريد النقل بالمعنى فيبدل مكان ما سمعه ما لم يطابقه ظناً منه أنه يطابقه.
(١) «امتحنوا بأولادهم» أي: كانوا لهم فتنة في دينهم، وقوله: «فوضعوا» أي: الأولاد، والوراقون لهم، أي: للممتحنين، فحدثوا، أي: الممتحنون. سيلان معنى.
(٢) الكاتبين في الورق.
(٣) عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي عن مالك، ضعفه ابن عدي، قال ابن حبان: كانت تقلب له الأخبار، فيجيب فيها، وكانت آفته أنه لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل الاعتبار، قال في لسان الميزان: أتى عن مالك بمصائب، منها عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: توفيت فاطمة ^ ليلا فجاء أبو بكر وعمر ® وجماعة كثيرة فقال أبو بكر لعلي: تقدم فصلِّ، قال: لا والله، لا تقدمت وأنت خليفة رسول الله، فتقدم أبو بكر وكبر أربعا.