[الدليل الثاني: السنة]
  احتجر في المسجد بخص أو حصير - أي: اتخذ حجرة يصلي فيها - فصحفه: احتجم، وحديث: أنه ÷ كان يصلي إلى عَنَزَة(١) - بفتحات - وهي حربة تُركَز أمامه، فرواه: شاة، لاعتقاده تسكين النون. ذكر الدارقطني أن أبا محمد العنزي المعروف بالزمن شيخ البخاري قال يوماً: نحن قوم لنا شرف؛ قد صلى إلينا(٢) رسول الله ÷.
[شرط جواز الرواية بالمعنى]
  وإنما يجوز بشرط أن يقع (من عدل عارف) بمعاني الألفاظ (ضابط) لمقتضاها بحيث لا يزيد ولا ينقص، سواء كان بلفظ مرادف(٣) أوْ لا، وسواء نسي اللفظ أو لا؛ لقوله ÷ وقد سئل عن ذلك: «إذا أصبت المعنى فلا بأس».
  ولإجماع الصحابة، فإن المعلوم أنهم كانوا يروون الخبر الواحد بعباراتٍ مختلفة مع اتحاد مجلس السماع، ولا ينكر بعضهم على بعض، واشتهر أن ابن مسعود كان إذا حدث بحديث قال: «هكذا قال رسول الله ÷ أو نحوه»، بمحضر من أهل الحديث.
  ولأنه لا خلاف في جواز شرح الخبر للعجم بلسانهم، وهو غير لفظ النبيء ÷، فروايته بالمعنى(٤) أولى؛ لأن الكلام عربي.
  ولأن من روى الأحاديث من الصحابة لم يكتبوها في مجلس السماع، وربما لم يكرروا دراستها، بل قد يغفلون عنها ثم يروونها بعد الأعصار التي يعلم من جهة العادة تعذر ضبط لفظها بعينه؛ ولذا حكمنا بأن نحو ما رواه النسائي في البيوع عن جابر: «أنه ÷ قضى بالشفعة للجوار» يعم جميع أفراد الجوار؛
(١) العنَزَة: مثل نصف الرمح أو أكبر شيئاً وفيه سنان مثل سنان الرمح، والعكازة قريب منها. نهاية.
(٢) توهم أنه ÷ صلى إلى قبيلتهم.
(٣) أي: تبديل كل لفظة بما يرادفها، كإبدال الاستطاعة بالقدرة، والحظر بالتحريم. شرح غاية.
(٤) قلت: ويمكن أن يُستدل على الجواز بالكتاب العزيز، فإن كثيراً من قصص الأنبئاء $ مكررة مع اختلاف اللفظ واتحاد المعنى، كقصة موسى وشعيب وهود وصالح À أجمعين.