[إذا اختلفت الأمة على قولين أو نحوهما فهل يجوز إحداث غيرهما]
  وأيضاً فإنه يفهمُ من قوله: «تارك» و «مخلف» و «خليفتين» حجيةُ إجماعهم؛ وذلك لأن المستخلَف يكون بلا ريب قائماً مقام من استخلفه، وهو ÷ الحجة في حياته، فيكون خليفتُه الحجةَ من بعده.
  وليس لأحد أن يقول بأن الحجة هي مجموع الكتاب والعترة؛ لإجماع الأمة على أن الكتاب حجة مستقلة، فلو لم تكن العترة حجة كالكتاب لكان ذكرها معه عبثاً، واللازم ظاهر البطلان.
  ولو أمعن الناظر نظره في أدلة حجية إجماع أهل البيت $ لوجدها أكثر وأصح من أدلة إجماع الأمة، لكن لله القائل:
  لهوى النفوس سريرة لا تعلم ... كم حار فيه عاقل متكلم
[إذا اختلفت الأمة على قولين أو نحوهما فهل يجوز إحداث غيرهما]
  (وإذا اختلفت الأمة) أي: كل الأمة، في [مسألة أو مسألتين(١)] (على قولين) أو أقوال، كالمذبوح بلا تسمية قيل: يحل سواء تركها عمداً أو سهواً، وقيل: لا يحل مطلقاً (جاز إحداث قول ثالث) بأن يقال: يحرم مع العمد، ويحل مع السهو. عند المنصور بالله #، وأبي الحسين البصري، والرازي وأتباعه، والآمدي، وابن الحاجب، والشيخ الحسن، والمتأخرين؛ لوقوعه، فإن الصحابة اختلفوا في: زوج وأبوين، وزوجة(٢) وأبوين، فقال ابن عباس ®: للأم ثلث جميع المال مع الزوج والزوجة، وقال الباقون: للأم ثلث الباقي مع كل منهما،
(١) ذكر ابن الحاجب أن إحداث قول ثالث غير رافع في مسألتين متفق على جوازه، ومثل لذلك بما لو قال بعض الأمة: لا يقتل مسلم بذمي ولا يصح بيع الغائب، وقال الآخرون: يقتل ويصح، فلو جاء ثالث قال: يقتل ولا يصح، أو لا يقتل ويصح - لم يكن ممتنعا بالاتفاق. وأما صاحب الفصول فقد أثبت الخلاف في المسألتين أيضا كما هنا.
(٢) الأكثر أن يقال في المرأة: زوج، قال تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ}[النساء ١٢]، وجاء: زوجة، وهو الأنسب عند خشية اللبس كأمثلة الميراث.