[إذا اختلفت الأمة على قولين أو نحوهما فهل يجوز إحداث غيرهما]
  فأخذ ابن سيرين بقول ابن عباس في زوجة وأبوين، دون زوج وأبوين(١)، ولم ينكر عليه أحد؛ إذ لم ينقل.
  واتفاقُهم(٢) على عدم التفصيل ممنوعٌ، غايته أنهم لم يقولوا به، وعدم القول به ليس قولاً بعدمه، وإنما يمتنع القول بما قالوا بنفيه، لا بما لم يقولوا فيه بنفي ولا إثبات، وإلا لزم امتناع القول فيما تجدد من الوقائع؛ إذ لم يقولوا فيها بحكم.
  فإن قيل: في ذلك لزوم تخطئة الأولين؛ إذ كل فئة مخطئة بالتعميم، وفيه تخطئة كل الأمة، والأدلة تنفيها.
  قلنا: ذلك ممنوع فيما ذكرنا من التفصيل؛ لأنَّ ما تنفيه الأدلة تخطئةُ كل الأمة فيما اتفقوا عليه، وأما فيما لم يتفقوا عليه بأن يخطي بعض في مسألة وبعض في أخرى فلا، وإلا(٣) لزم أن يمتنع تجويز الخطأ على كل فرد من مجتهدي كل الأمة في أحكام(٤) متعددة، ولا خلاف(٥) فيه لغير الإمامية(٦).
  وهذا (ما لم يرفع) القولين (الأولين)، أو الأقوال الأول؛ بأن ينصوا على عدم جواز إحداثه، أو رفع مقتضاهما، مثاله: أن يطأ المشتري الجارية البكر ثم يجد بها عيباً، فقيل: الوطء يمنع الرد، وقيل: بل يردها مع أرش النقصان، وهو تفاوت قيمتها بكراً وثيباً، فالقول بردها مجاناً قول ثالث رافع للأولين(٧).
(١) قوله: «دون زوج وأبوين» لأنه لو كان لها ثلث الأصل في زوج وأبوين لأخذت أكثر من الأب.
(٢) جواب سؤال مقدر تقديره: الأولون متفقون على عدم التفصيل، فالقولُ به خلافُ الإجماع.
(٣) أي: وإلا نقل بجواز التخطئة فيما لم يتفقوا عليه لزم ... الخ.
(٤) وإنما قال: «في أحكام متعددة» ليكون هذا كما نحن فيه من تخطئة بعض في مسألة وبعض في أخرى.
(٥) أي: في تجويز الخطأ في تلك الأحكام، مثلا: يجوز تخطئة مجتهد في تحليل النبيذ، ومجتهد آخر في وجوب الوتر، وآخر في نقض الوضوء بمس الذكر، ونحو ذلك؛ إذ لم يتفقوا على كل واحد منها. سيلان.
(٦) ظاهره أن القائلين بأن كل مجتهد مصيب يقولون بتجويز الخطأ على كل مجتهد، فينظر في ذلك. سيلان. لعله أراد بالخطأ ما من شأنه أن تجوز مخالفته، فهو من عموم المجاز، ولذا نسب الخلاف إلى الإمامية؛ إذ المعصوم عندهم لا تجوز مخالفته. سيدي أحمد بن حسن إسحاق |.
(٧) أما التمثيل بمسألة الجد والأخ، حيث قيل بحرمان الأخ، وقيل: يرث نصف المال، فالقول بحرمان الجد رافع للقولين - فلا يليق، فإنه قال الإسنوي: وحكى ابن حزم في المحلى عن بعضهم أن المال =