شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[حكم مخالف الإجماع القطعي]

صفحة 162 - الجزء 1

  قلنا: لا وجه للفرق⁣(⁣١).

[حكم مخالف الإجماع القطعي]

  (فإن) علم بأن سمع أو شوهد أو (نقل) الإجماع المذكور من جميع الأمة أو العترة (تواتراً) أو تلقي بالقبول (فحجة قاطعة)، وحينئذ تحرم مخالفة المجمع عليه، كلبس الحرير - مثلاً - إذا أجمعوا على تحريمه، فإنه معصية، وكذا يحرم أيضاً مخالفة الإجماع نفسه؛ بأن يعتقد كونه مباحاً، و (يفسق مخالفه) ومخالف المجمع عليه، ولا تهمل الفرق بينهما⁣(⁣٢).

  أما عند من يقول: كل عمد كبيرة فظاهر، وأما عند من جعلها ما ورد الوعيد عليها فذلك (بدليل) قولِهِ عز من قائل: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ١١٥}⁣[النساء].

  ووجه الدلالة: أن الله تعالى جمع بين مشاقة الرسول ÷ واتباع غير سبيل المؤمنين في الوعيد، حيث قال: {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ}، فيلزم أن يكون غير سبيل المؤمنين محرماً، وإلا لم يجمع بينه وبين المحرم الذي هو المشاقة في الوعيد؛ إذ لا يحسن الجمع بين حرام وحلال في وعيد، بأن يقول - مثلاً -: إن زنيت وشربت الماء عاقبتك، وإذا حرم اتباع غير سبيلهم وجب اتباع سبيلهم؛ إذ لا واسطة. ويلزم من وجوب اتباع سبيلهم كون الإجماع حجة؛ لأن سبيل الشخص هو ما يختار من القول أو الفعل أو الاعتقاد.

  فإن قيل⁣(⁣٣): يجوز أن يراد سبيل المؤمنين في متابعة الرسول ÷،


(١) أي: بين الإجماع المنقول آحاداً وبين الخبر الآحادي.

(٢) أي: بين مخالفة الإجماع والمجمع عليه؛ فمخالفة الإجماع بالقول، ومخالفة المجمع عليه بالفعل.

(٣) وقيل: سبيل المؤمنين: التمسك بالدليل. وأجيب عنه: بأن اتباع غير الدليل داخل في مشاقة الرسول؛ فيلزم التكرار، وهذه الأقوال والاعتراضات تجعل الدليل المأخوذ من الآية ظني.