[حكم مخالف الإجماع القطعي]
  ومناصرته، والاقتداء به، وفيما صاروا به مؤمنين، وهو الإيمان به، وقد نزلت الآية في طعمة بن أبيرق حين سرق درعاً وارتد ولحق بالمشركين.
  أجيب: بأن العبرة بالعمومات والإطلاقات دون خصوصيات الأسباب والاحتمالات، والثابت بالنصوص ما دلت عليه ظواهرها ولم يصرف عنه قرينة.
  فإن قيل: إن فيه دوراً؛ لأنه إثبات لحجية الإجماع بما لا يثبت حجيته(١) إلا به؟
  قلنا: لا نسلم أن التمسك بالظواهر إنما ثبت بالإجماع، فإن التمسك بها كان في عهد النبيء ÷ قبل كون الإجماع حجة.
  هذا، وأول من احتج بالآية الكريمة ابن أبان(٢) والشافعي(٣).
  وقولِهِ تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ)}[البقرة ١٤٣]، وتقريره: أن الله سبحانه وتعالى عَدَّلَ هذه الأمة؛ لأنه تعالى جعلهم وسطاً، قال الجوهري: الوسط من كل شيء: أعدله، ولأنه تعالى علل ذلك بكونهم شهداء، والشاهد لا بد وأن يكون عدلاً، وهذا التعديل للأمة وإن لزم منه تعديل كل فرد منها - لكون نفيه عن واحد مستلزماً لنفيه عن الكل - فنحن نعلم بالضرورة خلافه(٤)؛ لأن العدالة الحقيقية الثابتة بتعديل الله تعالى تنافي الكذبَ والميلَ إلى جانب الباطل(٥)، فتعين تعديلهم فيما يجمعون عليه، وحينئذ تجب عصمتهم عن الخطأ قولاً وفعلاً واعتقاداً.
  وأيضاً فالشاهد حقيقة هو المخبر بالصدق، واللفظ مطلق يتناول الشهادة في
(١) وهو الظواهر.
(٢) هو عيسى بن أبان بن صدقة، القاضي أبو موسى البغدادي الحنفي، تلميذ محمد بن الحسن الشيباني، توفي بالبصرة سنة ٢٢٠ هـ وقيل: ٢٢١.
(٣) هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هشام بن المطلب بن عبد مناف بن قصي، إليه تنسب الشافعية كافة، أخرج له أئمتنا $.
(٤) للعلم بأن بعضاً منها غير عدل. وقوله: لأن العدالة ... الخ علة لقوله: فنحن ... إلخ، تأمل. منه.
(٥) ومعلوم أن بعضها يكذب ويميل إلى الباطل فتعين ... إلخ. منه.