شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[شروط الأصل]

صفحة 178 - الجزء 1

  (وعلة) وهو الوصف الجامع بين الأصل والفرع، فإذا قيل: حرمت الخمر لإسكارها، ثم قيس عليها النبيذ، فالأصل: الخمر، والفرع: النبيذ؛ لتشبيهه به، والحكم: التحريم، والجامع: الإسكار.

  ولَمَّا كان للقياس شروط لا تخرج عن شروط أركانه، فمنها ما يعود إلى الأصل، ومنها ما يعود إلى الفرع، ثم ما يعود إلى الأصل منه ما يعود إلى حكمه، ومنه ما يعود إلى علته - عَدَّ ذلك مفصلاً، فقال:

[شروط الأصل]

  (فشروط الأصل) ثلاثة سلبية عائدة إلى حكمه: الأول منها: (ألا يكون حكمه منسوخاً) فإن كان منسوخاً غير ثابت لم يثبت القياس؛ لأنه إنما يتعدى الحكم من الأصل إلى الفرع باعتبار الشارع للوصف الجامع، فإذا أزال الحكم بالنسخ لم يبق الوصف معتبراً للشارع، فلا يتعدى الحكم به إلى الفرع⁣(⁣١).

  فإن قيل: فإنكم قد أقستم عدم وجوب تبييت النية في صيام شهر رمضان على عدم وجوبه في صوم عاشوراء، حيث كان واجباً في صدر الإسلام ثم نسخ، فالنسخ قد رفع حكم ذلك الأصل وما يصحبه وما يتفرع عليه من الأحكام والأحوال.

  قلنا: إنما صح ذلك لبقاء شرعية صوم عاشوراء وإن كان ندباً، فذلك من باب اختلافهما تغليظاً وتخفيفاً، ولا يضر على ما حكاه صاحب الفصول عن أئمتنا $ وجمهور غيرهم؛ لعدم دليل اشتراطه مع حصول العلة.

  (و) الشرط الثاني: أن يعقل مثل علته المعتبرة في محل آخر؛ بأن (لا) يكون حكمه (معدولاً به عن سنن القياس) أي: طريقه المعهود في الشرع. والباء


(١) قلت: لكن يقال: قد تقرر أن القياس كاشف لا مثبت، فكأن الشارع نص على حكم الفرع مع حكم الأصل، فإذا رفع حكم الأصل لم يرتفع حكم الفرع، كما لو نص على حكم لأمرين متغايرين ثم نسخ الحكم لأحدهما بقي الآخر، إلا أن يقال: إن الأمر الذي لأجله اعتبر الحكم في الفرع قد ارتفع فارتفع لارتفاعه. اهـ