فصل: [الدليل الرابع القياس]
  تحكماً، والقياس تطويلاً من غير طائل(١)، كقياس الذرة على الشعير في كونه ربويًّا، فيمنع في الأصل، فيثبته المستدل بحديث معمر بن عبد الله: الطعام بالطعام مثلاً بمثل وكان طعامنا يومئذ الشعير، أخرجه مسلم.
  فيجاب: بأن الطعام يتناولهما جميعاً؛ فيضيع القياس حينئذ(٢).
  فإن كان العام مخصوصاً أو مختلفاً فيه، والمستدل أو المعترض لا يراه حجة مطلقاً، أو إلا في أقل ما يتناوله - كان القياس مفيداً، نحو: أن يكون أحد الخصمين يخصص بالعادة، فيكون قياس الذرة على الشعير مع إثباته بحديث مسلم مفيداً؛ لكون العادة يومئذ تناول الشعير، كما دل عليه آخر الحديث.
  وقد كثر في كتب الفقه إثبات الحكم الواحد بأنواع من الأدلة.
  وقد فهم من عبارة المتن المفيدة للحصر أنه لا يشترط غير المذكور: من ثبوتِ الحكم جملة(٣)، وعلمِ(٤) العلة في الفرع، وعدمِ مخالفة حكم الفرع لمذهب صحابي؛ لعموم الدليل الدال على وجوب اتباع القياس ما لم يخالف النص، ولفعل علي # والصحابة، فإنهم قاسوا «أنت علي حرام» تارةً على الطلاق إن نواه: إما الثلاث كما روي عن علي # لتحريم الزوجة العام؛ فلا تحل إلا بعد زوج، وإما البائن كما روي عن زيد، وإما الرجعي كما روي عن عمر أيضا، وتارة على اليمين بجامع المنع من المباح، كما روي عن أبي بكر وعمر وابن عباس وابن مسعود وزيد بن ثابت، وتارة على الظهار كما روي عن عثمان، فتجب كفارة للتحريم الذي لا يمكن تلافيه من جهة الزوج، ولم يوجد نص في الفرع جملة،
(١) وقد يمنع بأن تعاضد الأدلة مما يقوي الظن.
(٢) «حينئذ» غير موجودة في نسخة المؤلف.
(٣) خلافاً لأبي هاشم فإنه كان يذهب إلى وجوب تناول النصوص لها جملة، والقياس إنما هو للكشف عن مواضعها وانتزاع تفاصيلها مثاله: أنه لو لم يثبت بالنص أن الأخ وارث لما صح الحكم من طريق القياس بأنه يرث مع الجد.
(٤) بل يصح القياس مع ظن وجودها فيه.