[مقدمة المؤلف]
  الحمد لله بالصلاة على نبيئه ÷. والسيد: مِنْ ساد قومه سيادة فهو سيد، وزنه فيعل، فيكون أصله: سَيْوِدًا، قلبت الواو ياء، وأدغمت فيها الأولى. والإضافة هنا لتشريف المضاف إليه.
  (محمد) عطف بيان من سيدنا، أو بدل؛ لأن نعت المعرفة إذا تقدمها أعرب بحسب العوامل، وأعربت المعرفة بدلاً أو عطف بيان، وصار المتبوع تابعاً، كقوله تعالى: {إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ١ اللَّهِ}[إبراهيم]، في قراءة الجر.
  (خاتم أنبيائه) صفة محمد ÷، إشارة إلى قوله تعالى: {وَخَاتَمَ النَّبِيئِينَ}[الأحزاب ٤٠]، فلا نبيء بعده. وأنبئاء: جمع نبيء، والنبيء: إنسان بعثه الله بشريعة. والرسول أخص منه، فهو إنسان كذلك يكون له كتاب وشريعة جديدة. كذا عند القاسم وحفيده الهادي، وقرره الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد $، وقاضي القضاة؛ لقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيءٍ}[الحج ٥٢]. بالعطف المقتضي للتغاير، وقوله ÷ وقد سئل عن الأنبياء: «مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا»، قيل: فكم الرسل منهم؟ قال: «ثلاث مائة وثلاثة عشر».
  وقال الإمام المهدي # وأبو القاسم وغيرهما: بل هما سواء.
  قلت: ويضعف احتجاج الأول بالآية صدرها.
  وعلى الأول يكون بينهما عموم مطلق، فكل رسول نبيء، ولا عكس، وعلى الثاني مترادفان. ولو قيل: إن بينهما عموماً من وجه؛ لوجود الرسول بدون النبيء كما في جبريل #(١)، والنبيء بدون الرسول كما في مَن بعث إلى نفسه، أو لتقرير شريعة غيره فقط، واجتماعهما كما في نبيئنا ÷ - لم يبعد، اللهم إلا أن يقال: الكلام مختص بالبشر فالأول هو الصواب.
(١) وعلى هذا يقال في تعريف الرسول: مكلف ... إلخ والله أعلم. منه.