شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

فصل: [الدليل الرابع القياس]

صفحة 193 - الجزء 1

  (و) منها: أنه (يصح تقارن العلل) المتعددة، كقوله ÷ في درة - بضم المهملة - بنت أم سلمة، وقد بلغه تحدث النساء أنه يريد أن ينكحها: «إنها لو لم تكن ربيبتي في حجري لما حلت لي، إنها لَابنة أخي من الرضاعة»، رواه الشيخان.

  فإنه ÷ رتب عدم حلها على تقدير عدم كونها⁣(⁣١) ربيبة على كونها ابنة أخيه من الرضاع، والمعنى: أنها لا تحل لي أصلاً؛ لأن بها وصفين لو انفرد كل واحد منهما حرمت عليه: كونها ربيبة، وكونها ابنة أخي من الرضاع.

  وقوله: «في حجري» على وفق الآية الكريمة. والجمع بين ما تقدم في اسمها من أنها درة، وبين ما في مسلم عنها كان اسمي برة فسماني رسول الله ÷ زينب، وقال: «لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البر منكم» - بأن لها اسمين قبل التغيير.

  وكتحريم الوطء لعدم⁣(⁣٢) النكاح والملك، أو للإحرام والحيضِ أو الصومِ، وكأن يزني رجل ويرتد ويقتل نفساً بغير حق، فإنه يقتل بمجموع ذلك عند الجمهور.

  وكالوطء والبول والغائط والقيء والرعاف في حالة واحدة، فإنها أمور مختلفة الحقيقة، وهي علل مستقلة للحدث؛ لثبوته بكل منها، وهو معنى الاستقلال⁣(⁣٣).

  (و) منها: أنه يصح (تعاقبها) وهو أن تقتضي علة حكماً ثم تقتضي علة أخرى ذلك الحكم، كتحريم الوطء بالحيض فإذا انتهت مدته تعقبها عدم الغسل، فتقتضي تحريم الوطء أيضاً.

  ومنها: أن تكون طاعةً، كالطهارة⁣(⁣٤) في النية، ومعصيةً، كالزنا. ودافعةً⁣(⁣٥)،


(١) «أنها غير». نخ.

(٢) ليس من التقارن، تأمل. لعدم استقلال كل منهما بالحكم.

(٣) وأما التمسك بأنه لو لم يجز تعدد العلل وتقارنها لم يجز تعدد الأدلة ففيه أن العلة دليل باعث فهو أخص، ولا يلزم من امتناع الأخص امتناع الأعم والله أعلم. منه.

(٤) الأولى كالعبادة؛ لأن الطهارة لا توجب النية.

(٥) حيث كانت المرأة في العدة فإنه يحرم نكاحها.