فصل: [الدليل الرابع القياس]
  (مثل(١) قوله ÷: «اعتق رقبة» جواباً لمن) أي: لأعرابي (قال) له: هلكت وأهلكت، فقال: «ماذا صنعت؟» فقال: (جامعت أهلي) أو واقعت، أخرجه الستة بالمعنى، وهذا مثال كون الوصف بعينه للتعليل؛ فيستفاد منه كون الوقاع علة للإعتاق؛ لأن إيراد الأمر به(٢) في معرض الجواب يجعله في معنى: واقعت فكفر - وإن كان(٣) دونه في الظهور؛ لتقدير الفاء - وإلا لزم(٤) إخلاءُ السؤال عن الجواب، وتأخيرُ البيان عن وقت الحاجة؛ ولذا كان(٥) احتمالُ أن يكون ابتداء كلام أو زجراً للسائل(٦) عن سؤاله بعيداً جداً.
  ومن ذلك: قوله ÷ لابن مسعود وقد توضأ بماء نبذت فيه تمرات لتجتذب ملوحته: «تمرة طيبة وماء طهور» أخرجه الترمذي وأبو داود، فلم يُرِد بيان عين التمرة والماء، وإنما أراد أن ذلك علة جواز التوضوء به.
  واعلم أنه لا تنافي في مسلك النص بين مراتب الصريح ومراتب الإيماء، فقد يجتمعان، كما في قوله ÷ وقد سئل عن بيع الرطب بالتمر: «أينقص الرطب إذا يبس؟» قالوا: نعم، قال: «فلا إذاً(٧)»، كأنه قال: إذا كان الأمر كذلك حرم.
  فلو لم يكن نقصان الرطب باليبس لأجل التعليل لانتفت الفائدة من ذكره؛
(١) وقد دل الخبر على جواز إظهار الجزع عند المعصية، وشرعية استفصال مجمل السؤال، ووجوب الكفارة على الرجل دون المرأة، وكونها مرتبة، ومؤخرة عن نفقة العيال، وجواز إعانة الغارم في معصية بعد التوبة، والعمل بالظن في حقوق الله تعالى، وعدم صحة التبرع فيها، وكونها ثلاثين صاعاً لستين مسكيناً، والله أعلم. منه.
(٢) أي: بالإعتاق.
(٣) قوله: وإن كان، أي: ما نحن فيه دونه، أي: دون: واقعتَ فكفر؛ لأن الفاء فيما نحن فيه مقدرة.
(٤) أي: وإن لم يكن في معناه لزم ألا يكون جواباً، ولزم ... إلخ.
(٥) أي: للزوم إخلاء السؤال عن الجواب، وقوله: «ابتداء كلام» كأن يقول العبد لسيده: طلعت الشمس، فيقول السيد: اسقني ماءً.
(٦) كقول السيد لعبده وقد سأله عن شيء: اشتغل بشأنك.
(٧) فالنص في الخبر من وجوه ثلاثة: الاستنطاق بالوصف، وترتيب الحكم على الفاء، ولفظ إذاً. نخ.