فصل: [الدليل الرابع القياس]
  إذ الجواب يتم من دونه، [فقد اجتمع في هذا الخبر ثلاثة أوجه: الإيماء للاقتران، والنص لإذاً، والظاهر للفاء؛ إذ لو لم يبق إلا واحد منها لأفاد التعليل](١).
  وهذا الخبر رواه كثير من أئمتنا $، وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة والحاكم؛ فلا تعويل على ما روي عن أبي حنيفة من أنه لما ورد عليه هذا الحديث أجاب بأنه دار على زيد بن أبي العباس وهو ممن لا يقبل حديثه. واستحسن أهل الحديث هذا الطعن، حتى قال ابن المبارك: كيف يقال: أبو حنيفة لا يعرف الحديث وهو يقول: زيد بن أبي العباس ممن لا يقبل حديثه؟
  (و) مثالُ النظير - وهو دون الأول؛ لأن المذكور فيه حكم المسؤول عنه، والمذكور في هذا حكم نظيره؛ ليثبت فيه ما يثبت في نظيره، إلا أنه (قريب منه) - قولُه ÷ لما سألته الخثعمية: إن أبي أدركته الوفاة وعليه فريضة الحج، أينفعه إن حججت عنه؟ (أرأيت لو كان على أبيك دين ... الخبر) تمامه: «فقضيتيه أكان ينفعه؟» قالت: نعم. رواه أصحابنا والستة.
  وإنما كان مثالاً للنظير لأنها سألت عن حجها عن أبيها فذكر ÷ نظيره، وهو قضاؤها دينه، ورتب عليه الحكم، وهو النفع، فكان علة(٢) له، وإلا لزم أن يكون ذكره عبثاً، ففهم منه أن نظيره في المسئول عنه علة لمثل ذلك الحكم.
  وهذا يسمى عند الأصوليين: تنبيهاً على أصل القياس؛ لما فيه من ذكر الأصلِ الذي هو دين الآدمي على الميت، والفرع، وهو الحج الواجب عليه، والعلةِ، وهو قضاء فرض الميت(٣)، فقد جمع فيه ÷ بين أركان القياس كلها. ونحوه ما في الصحيحين: جاءت امرأة إلى رسول الله ÷ وقالت: يا رسول الله، إن
(١) نخ.
(٢) إذ حاصله ينفعه الحج كما ينفعه قضاء الدين. منه.
(٣) والنفع؛ لتتم الأركان؛ إذ من جملتها حكم الأصل.