شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[ثالث طرق العلة: السبر والتقسيم]

صفحة 201 - الجزء 1

  مثاله⁣(⁣١) أن يقول في قياس الذرة على البر في تحريم التفاضل: بحثت عن أوصاف البر فما وجدت ثَمَّة ما يصلح علة للربوية في بادئ الرأي إلا الطُّعم أو القوت أو الكيل، لكن كل من الطعم والقوت لا يصلح لذلك عند التأمل؛ لجريان تحريم التفاضل في النورة والملح مثلاً.

  ثم إن كان الحصر والإبطال قطعيين فالتعليل بالباقي قطعي، وإلا فظني. فهذا الطريق عبارة عن النظر والاجتهاد في تعيين ما دل الإجماع أو النص على كونه علة⁣(⁣٢) من دون تعيين.

  ويكفي المستدل في بيان الحصر: «بحثت فلم أجد سوى هذه الأوصاف»، ويُصَدَّق لعدالته وتدينه، فلا يُتهم بأنه لم يبحث، أو بحث ووجد ولم يذكره ترويجاً لكلامه، وذلك مما يُغَلِّب ظن العدم؛ لأن الأوصاف العقلية والشرعية مما لو كانت لما خفيت على الباحث عنها؛ فلا يقال: عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.

  أو⁣(⁣٣) يقول: «الأصل عدم غيرها»، فإن ذلك يحصِّل الظن المقصود.

  فإن أبدى المعترض وصفاً - كأن يقول فيما سبق من المثال: هنا وصف آخر وهو: كونه خير قوت - فعلى المستدل أن يبطله، وإلا أُحْصِرَ، ولا ينقطع⁣(⁣٤)؛ إذ غايته⁣(⁣٥) منع مقدمه⁣(⁣٦)، وهو⁣(⁣٧) لا يقتضي إلا لزوم⁣(⁣٨) الدلالة⁣(⁣٩) عليها⁣(⁣١٠).


(١) قد توهم الأصفهاني شارح المنهاج وغيره: أن خبر المجامع منه لسبب حذف كونه أعرابياً لاستواء أصناف الناس في ذلك وأهلية المحل لأولوية الزنا به [الديانة. نخ] وكونه رمضان ذلك العام وكونه وقاعاً إذ لا مدخل لخصوصيته في كونه إفساداً للصوم، وليس كذلك؛ إذ لا حصر للأوصاف فيه، ولا يشترط فيه الإجماع على تعليل الحكم في الجملة، والظاهر أن مثل خبر الأعرابي المسمى بتنقيح المناط أعم مطلقاً من السبر، فتأمل.

(٢) صوابه: كونه معللاً.

(٣) عطف على قوله: «بحثت».

(٤) أي: المستدل.

(٥) أي: المعترض.

(٦) وهي قوله: بحثت فلم أجد.

(٧) أي: منع المقدمة.

(٨) وقيل: ينقطع لظهور بطلان حصره، والحق لا؛ لأنه إذا أبطله تم حصره، وله أن يقول: لم أدخله في حصري علما مني بعدم صلوحه علةً، وأن يقول: إنما أدعي الحصر المظنون، وظهور خلاف المظنون غير مستنكر، كالمجتهد يظهر له خلاف مظنونه. شرح غاية.

(٩) أي: لا الانقطاع وإلا كان كل منعٍ قطعاً والاتفاق على خلافه. منه.

(١٠) من المستدل.