شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[رابع طرق العلة: المناسبة]

صفحة 203 - الجزء 1

  السبر إلى مسلك الإخالة.

  (وشرط هذه الطريق) المسمى بحجة الإجماع (وما بعده) من الطرق المستنبطة⁣(⁣١): النص من الشارع، أو (الإجماع) من العلماء (على تعليل الحكم في الجملة من دون تعيين علة) في محل من محالها؛ إذ لو وقع التعيين لكان هو الطريق، وليس مما نحن بصدده، والله سبحانه أعلم.

[رابع طرق العلة: المناسبة]

  (ورابعها:) أي: طرق العلة (المناسبة(⁣٢) ، وتسمى) أيضاً (الإخالة)؛ لأنها بالنظر إليها يخال - أي: يظن - أنها علة، (وتخريج المناط) أي: استخراج العلة المناط⁣(⁣٣) بها الحكم؛ لأنها يناط بها الحكم، أي: يعلق، (وهي) أي: المناسبة في الاصطلاح: (تعيين العلة) في الأصل المقيس عليه الذي ثبت بالنص أو الإجماع حكمه دون علته (بمجرد إبداء مناسبة) بينها وبين الحكم (ذاتية) منسوبة إلى ذات الوصف، لا بنص ولا بغيره، ولذلك سميت مناسبة. كذا في غيره.

  وفيه: أن التعيين فعل القائس، والمناسبة معنى قائم بالوصف والحكم، فلا يصلح حمله⁣(⁣٤) عليها⁣(⁣٥) إلا باعتبار كونها سبباً⁣(⁣٦) له. على أن ذكر المناسبة في حدها


(١) المناسبة والشبه على قول.

(٢) هي طريق إلى كون المناسب وهو المناط كالإسكار مثلاً علة، فلذا قيل لها الإخالة؛ لأن ظن علية الوصف حصل بالمناسبة فسميت بالمصدر - وهو الإخالة - مجازاً. سيلان.

(٣) اعلم أن المضاف إلى المناط ثلاثة، الأول: تخريج المناط، وهو ما ذكر هنا، والثاني: تحقيق المناط، وهو عبارة عن النظر والاجتهاد في معرفة وجود العلة في آحاد الصور بعد معرفتها في نفسها، سواء عرفت بالنص أو بالإجماع أو بالاستنباط، نحو أن يعرف أن الشدة المطربة مناط تحريم شرب الخمر بالاستنباط، فالنظر في كون النبيذ ذا شدة مطربة المظنون بالاجتهاد تحقيق المناط، والثالث: تنقيح المناط، وهو الذي تعددت أوصافه واحتمل أن تكون العلة مجموعها أو بعضها ثم حذف بعض واعتبر آخر، فهذا هو المسمى بتنقيح المناط وتهذيبه وتجريده، كما في خبر الأعرابي بحذف كونه أعرابياً، وكونه في رمضان تلك السنة، وكونه وقاعاً، فبقي كونه إفساداً للصوم مثلاً.

(٤) أي: التعيين.

(٥) أي: المناسبة.

(٦) أي: لَمَّا كانت المناسبة سبباً لتعيين علية الوصف جُعِلَتْ نفس التعيين مجازاً.