شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[مقدمة المؤلف]

صفحة 23 - الجزء 1

  لتعويض الواو عنها اختصارا مع الربط الصوري⁣(⁣١)، فالفاء في (فهذا) لأجلها. أو غير مقدرة، والعامل ما يفهم من السياق، مثل: أقول⁣(⁣٢)، كذا ذكره الجم الغفير من شراح مثل هذا المحل. وفيه: أنه ذكر الرضي أنَّ حذف «أما» لا يطرد إلا إذا كان ما بعد الفاء أمرا أو نهيا، وما قبلها منصوباً به⁣(⁣٣) أو بمفسر به⁣(⁣٤)، فلا يقال: «زيدا فضربت»، ولا «زيدا فضربته» بتقدير «أما»، فيجوز⁣(⁣٥) أن تكون⁣(⁣٦) لإجراء الظرف مجرى الشرط، كما ذكر⁣(⁣٧) في نحو: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ ...} إلى قوله: {فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ}⁣[الكهف ١٦]، وسيبويه في قولهم: زيد حين لقيته فأنا أكرمه.

  والإشارة⁣(⁣٨) إلى المرتب الحاضر في الذهن من المعاني المخصوصة، أو ألفاظها⁣(⁣٩)، أو نقوش ألفاظها، أو المركب من اثنين منها، أو من ثلاثتها⁣(⁣١٠)، سواء كان وضع الديباجة قبل التأليف أو بعده؛ إذ لا وجود لواحد منها في الخارج.

  فإن قيل: نفي وجود النقوش في الخارج⁣(⁣١١) خلاف المحسوس.


(١) أي: مع أنه قد حصل بالواو الربط الصوري الحاصل بأما في قوله: «أما بعد فإنه كان كذا وكذا»، وذلك أنه يشبه التخلص؛ لأن فيه شيئا من المناسبة من حيث أنه لم يؤت بالكلام الآخر الواقع بعد الحمد والثناء فجأة من غير قصد إلى ارتباط بما قبله حقيقة؛ لأنه انتقال من الحمد والثناء إلى كلام آخر من غير مناسبة، وكذا الواو ليس القصد بها العطف؛ لأن ما قبلها وما بعدها لا مقتضى للتعاطف بينهما، بل إنما أتى بها للنكتة التي ذكرت في «أما». والله أعلم.

(٢) والفاء على توهم أما.

(٣) نحو: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ٣}⁣[المدثر].

(٤) نحو: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ}⁣[ص ٥٧].

(٥) أي: فلا حاجة في تقدير «أما» أصلًا فيجوز ... الخ.

(٦) أي: الفاء.

(٧) أي: الرضي.

(٨) أي: لفظة «هذا».

(٩) وتسميتها ألفاظا مجاز باعتبار ما تؤل إليه. منه.

(١٠) مجموع الثلاثة: المعاني، وألفاظها، ونقوشها.

(١١) أي: إذا أخرت الخطبة عقيب التأليف.