شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الحادي والعشرون: دعوى المخالفة]

صفحة 254 - الجزء 1

  يثبته المستدل) ويعتقده؛ وذلك إما بتصحيح المعترض مذهبه فيلزم منه بطلان مذهب المستدل؛ لتنافيهما، (نحو أن يقول الحنفي: الاعتكاف يشترط فيه الصوم؛ لأنه لبث فلا يكون بمجرده قربة(⁣١) كالوقوف بعرفة، فيقول الشافعي: فلا يشترط فيه الصوم كالوقوف بعرفة).

  وإما بإبطاله⁣(⁣٢) لمذهب المستدل ابتداءً: إما صريحا، مثاله: أن يقول الشافعي في مسح الرأس: مسح في الوضوء فلا يقدر بالربع كمسح الخف، فيقول الحنفي: فلا يكتفى فيه بأقل قليل⁣(⁣٣). أو التزاماً، مثاله: أن يقول الحنفي: بيعُ غير المرئي بيعُ معاوضة فيصح مع الجهل بأحد العوضين كالنكاح، فيقول الشافعي: فلا يثبت فيه خيار الرؤية كالنكاح.

  ووجه وروده: أن من قال بصحته قال بخيار الرؤية؛ فكان لازماً لها، وإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم⁣(⁣٤).

  وقد أجاب⁣(⁣٥) الحنفية عن هذا الاعتراض بأن خيار الرؤية حكم آخر اجتمع مع الصحة على جهة الاتفاق؛ فلا يكون لازماً؛ فلا يستلزم نفيه نفيها، لأن شرط الاستثنائي كون الشرطية فيه لزومية.

  (وهو) أي: القلب (أقسام) ثلاثة كما بينا، (وكلها ترجع إلى المعارضة) فهو نوع منها؛ إذ هي دليل يثبت به خلاف حكم المستدل، والقلب كذلك؛ فإنه يشترك⁣(⁣٦) فيه الأصل والجامع بين القياسين؛ فيجيء الخلاف في قبوله، ويكون


(١) فلا بد فيه من الصوم.

(٢) وهذا هو المقصود الأكبر، وإنما تقع صحة مذهب المعترض بطريق التبع.

(٣) وهو مبطل لمذهب الشافعي؛ لأن الشافعي يكتفي بالأقل.

(٤) يعني انتفاءه بقياس الشافعي هكذا: لو صح كالنكاح لما ثبت فيه خيار الرؤية كالنكاح، لكنه قد ثبت فيه فلم يكن كالنكاح في الصحة، وهو المطلوب.

(٥) «أجابت». نخ.

(٦) علة لقوله: «فهو نوع منها»، أي: نوع مخصوص فإنه يشترك، أي: فإن دليل المعارض عين دليل المستدل، فكان هو القسم الأول منها كما عرفت فيما مر، ولو قال: فإنه يشترك فيها قياس المستدل =