شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[أنواع الاستدلال]

صفحة 263 - الجزء 1

  النوع (الثاني) من أنواع الاستدلال هو (الاستصحاب، وهو) لغة: طلب كون الشيء في صحبتك، واصطلاحاً: (ثبوت الحكم في وقتٍ لثبوته قبلَه؛ لفقدان ما يصلح للتغيير) فمنعه المهدي # وأهل المذهب في روايته، وأثبته صاحب الفصول عن جمهور أئمتنا $ وغيرهم؛ لأن تحقق الشيء⁣(⁣١) بلا ظن معارض طارٍ عليه يستلزم⁣(⁣٢) ظن البقاء لذلك الشيء المتحقق ضرورة، ولولا هذا الظن لما حسن من العاقل مراسلة من فارقه، ولا الاشتغال بما يقتضي زماناً كالحراثة والتجارة والقِراض⁣(⁣٣)، وإرسال الهدية والوديعة إلى بعيد، والظن متبع شرعاً؛ لما مر⁣(⁣٤).

  وأيضاً لو لم يكن طريقاً لاستوى الشك في الزوجية ابتداءً وبقاءً، والتالي باطل، فالمقدَّم مثله؛ أما الملازمة فلأنه لا فارق بينهما إلا استصحاب عدم الزوجية في الأولى، واستصحابها في الثانية، فلولا اعتباره لاستوت الحالان⁣(⁣٥).

  وأما بطلان اللازم: فللإجماع على حرمة الاستمتاع فيمن شك في ابتداء حصول الزوجية، وعلى حِلِّه فيمن شك في بقائها. وكذا الكلام فيمن شك في ابتداء الوضوء وفيمن علمه وشك في الحدث، ولذا قال ÷: «إن الشيطان ليأتي أحدكم فيقول: أحدثت أحدثت، فلا ينصرفن حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً»، وفي ترك الاستصحاب مخالفة للخبر.

  وينقسم إلى: معمول به: عقلياً كان، كاستصحاب البراءة العقلية حتى يرِدَ ناقلٌ؛ فلذا حكمنا بانتفاء صلاة سادسة وصوم غير رمضان. أو شرعياً، كاستصحاب المِلْك والنكاح والطلاق حتى يرد مغير، كالعلم بالبيع والطلاق والرجعة.


(١) في حالٍ.

(٢) خبر أن.

(٣) أي: المضاربة.

(٤) من الدليل على وجوب العمل بالظن.

(٥) أي: في التحريم والجواز.