شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[شرط الأخذ بمفهوم المخالفة]

صفحة 25 - الجزء 2

  قال ابن أبي شريف: وهو الذي يثلُج له الصدر؛ إذ كيف يقال في «لا إله إلا الله»: إن دلالتها على إثبات الإلهية لله تعالى بالمفهوم؟! وهو الذي أطبق عليه علماء البيان، بل قالوا: إنها تفيد الإثبات نصاً.

  وإِنما وجبَ العملُ بهذه المفاهيم لأنه لَو لم يدلَّ تخصيصُ محل النطق بالذكر على المخالفة لم يكن لِتخصيصِه بالذكرِ فائدةٌ، والتالي باطل⁣(⁣١)، فالمقدم مثله؛ أما الشرطية⁣(⁣٢) فلأن المفروض عدم فائدة غير التخصيص كما سيأتي، وأما الاستثنائية فلأنه لا يستقيم أن يثبت تخصيص من آحاد البلغاء لغير فائدة؛ فكلام الله ورسوله أجدر.

[شرط الأخذ بمفهوم المخالفة]

  (وشرطُ الأخذ بمفهوم المخالفة) على أنواعه (على القول به) أي: بإثباته والعمل بمقتضاه (ألا) يظهرَ فائدة للتقيد بأيها⁣(⁣٣) سوى التخصيص للمذكور بالحكم، بألا (يخرج الكلام مخرج الأغلب) المعتاد، وإلا لم يؤخذ به، كقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ}⁣[البقرة: ٢٨٢]، مفهومه أَنّه لا يُعمل بشهادة الرجل والمرأتين إلا مع عدم الرجال، وهذا غير معمول به اتفاقاً؛ لخروجه مخرج العادة من أنه لا يعدل إلى النساء مع إمكان الرجال.

  وَكذا وجوب الرهن المشروط بالسفر في قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}⁣[البقرة: ٢٨٣] فإنه خرج مخرج العادة والغالب؛ لأنه ÷ رهن درعه من ابن أبي سحمة اليهودي في الحضر.


(١) وهو قوله: لم يكن لتخصيصه بالذكر فائدة.

(٢) قوله: أما الشرطية: هي الملازمة بين عدم دلالة التخصيص بالذكر وانتفاء الفائدة. وقوله: وأما الاستثنائية: هي رفع التالي أعني قولنا: لكن لتخصيصة فائدة لينتج رفع المقدم وهو قولنا: فدل التخصيص بالذكر على المخالفة.

(٣) أي: المفاهيم.