شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[شرط الأخذ بمفهوم المخالفة]

صفحة 26 - الجزء 2

  وكذا فإنه كان الرجل إذا طفحتْ عينُه إلى استظراف امرأة بهت⁣(⁣١) التي تحته، ورماها بفاحشة؛ حتى يلجئها إِلى الافتداء منه بما أعطاها ليصرفه إِلى تزوج غيرها؛ فنزل قوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ ..} الآية [النساء: ٢٠].

  (و) أن (لا) يكون جواباً (لسؤال) مقتض لتعليق الحكم بالخاص مطابقة لسؤاله، كأن يُسأل ÷: هل في الغنم السائمة زكاة؟ فيقول: «في الغنم السائمة زكاة»؛ فلا يؤخذ منه أن المعلوفة لا زكاة فيها؛ لأن الوصف إنما أتي به لمطابقة السؤال، لا للتقييد⁣(⁣٢).

  (و) أن (لا) يكون لسبب (حادثة متجددة) كذلك⁣(⁣٣)، كقوله تعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ}⁣[النساء: ٢٣] فإنه نزل حين تزوج رسول الله ÷ زينب بنت جحش الأسدية - وهي بنت عمته: أميمة بنت عبدالمطلب - حين فارقها زيدُ بن حارثة، وقال المشركون والمنافقون في ذلك، ونزل قولُه تعالى: {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ}⁣[الأحزاب: ٣٧]، وقولُه تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}⁣[الأحزاب: ٤٠]، فـ: «الذين من أصلابكم» لإخراج المتَبنَّى فقط، وحينئذ فيشمل زوجة كل ولد من نسب أو رضاع، مدخولة أو غير مدخولة.

  وكقوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}⁣[آل عمران: ٢٨]، فلا يفهم منه أنه يجوز موالاة الكافرين مع المؤمنين، فإنها نزلت في قوم من المؤمنين والوا اليهود دون المؤمنين.


(١) قال عليها ما لم تفعله.

(٢) أو يكون الغرض بيان ذلك لمن له السائمة دون المعلوفة، والاطلاع على ذلك من فوائد معرفة أسباب النزول وسيرة الرسول ÷، ومثل أن يكون الحكم في المسكوت معلوماً للمخاطب وفي المذكور مجهولاً، كما لو قيل: الصلاة المسنونة فروضها كذا وكذا، فلا يقال: مفهومه أن المفروضة ليست كذلك؛ لأن ذلك معلوم. تمت شرح غاية.

(٣) أي: مقتضٍ لتعليق الحكم بالخاص.