[المجاز]
  حقيقة، (في غير ما وضعت له) احترازاً عن الحقيقة مرتجلة(١) كانت - وهي المنقولة لا لمناسبة -، أو منقولةً - وهي ما نُقلت لمناسبة -، أو غيرهما(٢) كالمشترك(٣).
  وقد(٤) أفهم قولُه: «المستعملة في غير ما وضعت له» أنه لا يشترط أن يكون قد استعمل فيما وضع له، وأن المجاز لا يستلزم(٥) الحقيقة، وهو مذهب الجمهور، وجعلوا مثاله لفظ: «الرحمن» فإنه مجاز في الباري تعالى - إذ معناه ذو الرحمة، ومعناها الحقيقي لا وجود له فيه؛ لأن معناها رقة القلب(٦) - ولم يستعمل في غيره تعالى، وأمَّا قولهم: «رحمان اليمامة» فليس باستعمال صحيح، مع أنه لا يخفى على المتأمل أن هذا الاستعمال ليس حقيقياً؛ لأنهم لم يريدوا(٧) رقة القلب. وأما الحقيقة فلا تستلزم المجاز اتفاقاً، فإنه يجوز وجودها بدونه.
  وقوله: (في اصطلاح التخاطب) متعلق بوضعت؛ فيدخل فيه المجاز المستعمل فيما وضع له في اصطلاح آخر، كالصلاة إذا استعملها المخاطِب(٨) بعرف الشرع في
(١) خبر كان مقدم.
(٢) أي: غير المنقول والمرتجل.
(٣) فإنه تعدد فيه وضع اللفظ من غير ملاحظة مناسبة بين المعنيين، ولا يشترط فيه هجران المعنى الأول، فهو مغاير للمرتجل والمنقول.
(*) وكذا المشتقات فإنها ليست مرتجلة محضة لتقدم وضع موادها، ولا منقولة لعدم وضعها بنفسها قبل ما اشتقت له.
(٤) فهم من حيث أنه إذا قد كان موضوعاً فلا فرق بين أن يكون قد استعمل في ما وضع له أولا أن المجاز.
(٥) لأنه يجوز أن يتجوز بلفظ قبل استعماله فيما وضع له وهو قبل الاستعمال ليس بحقيقة.
(٦) قال بعض المحققين: وكذا عسى ونعم ونحوهما فإنها مستعملة في غير ما وضعت له؛ لأنها أفعال ماضية فانسلخت عن الدلالة على الحدث والزمان ولم تستعمل دالة عليهما. وفيه: أن الظاهر فيها كونها حقيقة عرفية، وأنها مستعملة فيما وضعت له؛ ولذا قال ابن الحاجب: أفعال المدح والذم ما وضع لإنشاء مدح أو ذم، ثم الظاهر أنها في الدلالة على الإنشاء كالأمر مقترنة بمستقبل واستفيد عموم المدح من المقام.
(٧) يعني بل المنعم.
(٨) بكسر الطاء، أي: المتكلم بهذه الكلمة.