[المخصص المنفصل]
  أحدهما مع إمكان العمل بهما، ولو كانا مختلفين قوة وضعفاً. وسواء فيه مفهوم الموافقة والمخالفة. ولا وجه لتخصيصه بهذا القيد(١)؛ أما على الأول(٢) فلأن الخلاف فيها أجمع، وأما على الثاني(٣) فلأن الخلاف في الثلاثة الأخيرة كذلك.
  (والمختار أنه يصح تخصيص كل من الكتاب والسنة) منطوقاً ومفهوماً، موافقة ومخالفة (بمثله) كذلك(٤).
  أما منطوق الكتاب بمنطوقه فكآيتي عدتي الحامل والمطلقة، فإن قوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق ٤] مخصص لعموم قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}(٥) [البقرة ٢٢٨].
  وأما منطوقه بمنطوقه ومفهومه فكقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[الشورى ٤٠]، {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[البقرة ١٩٤]، فإنه مخصص بقوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا}[الإسراء ٢٣]؛ لأن(٦) الظاهر أن التخصيص بالآية لا بغيرها، ولقوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}(٧) [النحل ٨٩].
(١) أي: بقوله: «على القول به».
(٢) وهو أن المراد بقوله: «على القول به بتخصيصه».
(٣) وهو أن المراد بقوله: على القول به بدليليته».
(٤) أي: منطوقاً ومفهوماً، موافقة ومخالفة.
(٥) وكان مقتضى الظاهر أن تكون مخصصه لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً}[البقرة ٢٣٤]، لكن ورد الدليل عن علي # فيها: (عدة الحامل آخر الأجلين).
(٦) هذا جواب إيراد مقدر من القائلين بأن الكتاب لا يخصص بالكتاب، قال في شرح الغاية: فإن قيل: لا نسلم أن تخصيص المطلقات بهذه الآية؛ لجواز أن يكون من السنة.
(٧) وقوله تعالى: {تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ}[النحل ٨٩]، معارض بـ {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل ٤٤] مع أن الحق أنه ÷ المبين بالكتاب والسنة كما سبق، على أنه يمكن الجمع بين الآيتين بتخصيص الثانية للأولى، وقد يمنع استحالة اجتماع المبينات؛ لأنها معرفات لا مؤثرات.