شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[المخصص المنفصل]

صفحة 125 - الجزء 2

  أحدهما مع إمكان العمل بهما، ولو كانا مختلفين قوة وضعفاً. وسواء فيه مفهوم الموافقة والمخالفة. ولا وجه لتخصيصه بهذا القيد⁣(⁣١)؛ أما على الأول⁣(⁣٢) فلأن الخلاف فيها أجمع، وأما على الثاني⁣(⁣٣) فلأن الخلاف في الثلاثة الأخيرة كذلك.

  (والمختار أنه يصح تخصيص كل من الكتاب والسنة) منطوقاً ومفهوماً، موافقة ومخالفة (بمثله) كذلك⁣(⁣٤).

  أما منطوق الكتاب بمنطوقه فكآيتي عدتي الحامل والمطلقة، فإن قوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}⁣[الطلاق ٤] مخصص لعموم قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}⁣(⁣٥) [البقرة ٢٢٨].

  وأما منطوقه بمنطوقه ومفهومه فكقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}⁣[الشورى ٤٠]، {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}⁣[البقرة ١٩٤]، فإنه مخصص بقوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا}⁣[الإسراء ٢٣]؛ لأن⁣(⁣٦) الظاهر أن التخصيص بالآية لا بغيرها، ولقوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}⁣(⁣٧) [النحل ٨٩].


(١) أي: بقوله: «على القول به».

(٢) وهو أن المراد بقوله: «على القول به بتخصيصه».

(٣) وهو أن المراد بقوله: على القول به بدليليته».

(٤) أي: منطوقاً ومفهوماً، موافقة ومخالفة.

(٥) وكان مقتضى الظاهر أن تكون مخصصه لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً}⁣[البقرة ٢٣٤]، لكن ورد الدليل عن علي # فيها: (عدة الحامل آخر الأجلين).

(٦) هذا جواب إيراد مقدر من القائلين بأن الكتاب لا يخصص بالكتاب، قال في شرح الغاية: فإن قيل: لا نسلم أن تخصيص المطلقات بهذه الآية؛ لجواز أن يكون من السنة.

(٧) وقوله تعالى: {تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ}⁣[النحل ٨٩]، معارض بـ {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}⁣[النحل ٤٤] مع أن الحق أنه ÷ المبين بالكتاب والسنة كما سبق، على أنه يمكن الجمع بين الآيتين بتخصيص الثانية للأولى، وقد يمنع استحالة اجتماع المبينات؛ لأنها معرفات لا مؤثرات.