[فصل في المطلق والمقيد]
  وأما عند غيرهم فهذا مجرد مثال، وإلا فإنه لا يقاس الوضوء على التيمم ولا العكس؛ لاختلافهما تغليظاً وتخفيفاً.
  (و) كذا (لا) يحمل المطلق على المقيد (حيث اختلف السبب واتحد الجنس) والحكم، كإطلاق الرقبة في كفارة الظهار واليمين وتقييدها بالإيمان في كفارة القتل، فإن السبب - وهو الظهار والقتل واليمين - مختلف، والجنس - وهو العتق - متحد، والحكم - وهو وجوبه - كذلك (على المختار) عند المصنف والحنفية مطلقاً؛ سواء كان بجامع أو غيره؛ لأن إعمال الدليلين واجب ما أمكن، فيجب إجراء المطلق على إطلاقه والمقيد على تقييده؛ إذ لو حمل المطلق على المقيد للزم إبطال المطلق؛ لأنه يدل على إجزاء المقيد وغير المقيد، فيبطل الأمر الثاني من غير ضرورة، بخلاف ما إذا اتحدت الحادثة كما في: {فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ}[المائدة: ٨٩]، مع قراءة: متتابعات؛ فإنه لو لم يحمل المطلق على المقيد لبطل حكم المقيد؛ لاقتضائه وجوب التتابع واقتضاء المطلق جوازه، فوجب جعل المقيد بياناً للمطلق.
  ومذهب جمهور أصحابنا والمتكلمين والأظهر من مذهب الشافعي وأصحابه: أنه يحمل المطلق على المقيد إن اقتضى القياس التقييد، بأن يوجد بينهما علة جامعة مقتضية للإلحاق، فيكون تقييداً للمطلق بالقياس كتخصيص العام به؛ لأنه إذا تم القياس رجع إلى متحد الحكم والسبب؛ إذ يصير بمنزلة نص مقيد للإطلاق.
  وإلا يقتضه القياس بألا يوجد بينهما علة جامعة فلا؛ لعدم الدليل على التقييد، فوجب البقاء على ظاهر الإطلاق.
  وقد روي عن الشافعي وأصحابه أنه يجب الحمل مطلقاً(١)؛ لأن كلام الله تعالى في حكم الخطاب الواحد، فيترتب(٢) فيه المطلق على المقيد.
(١) أي: سواء كان بجامع أم غيره.
(٢) في الأصل: «فيرتب»، وما أثبتناه من البرهان للجويني ومن شرح الغاية.