[المبين]
  فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد عامي هذا».
  وبالجملة فبيان الصلاة والحج بالفعل معلوم بالضرورة من دين الإسلام، ولأن مشاهدة الفعل أدلّ، كما جاء في الحديث: «ليس الخبر كالمعاينة» رواه أحمد في مسنده بإسناد صحيح، والطبراني في الأوسط والحاكم في مستدركه عن ابن عباس، والطبراني في الأوسط عن أنس، والخطيب في تاريخه عن أبي هريرة، رفعوه، تمامه في المقنع: «كان أخي موسى أخبرَ بعبادة قومه للعجل لَمَّا مضى في مناجاة ربه فلم يلق الألواح، ولا اشتد غضبه كثيراً، فلما دنا من المدينة وسمع أصوات قومه في عبادة العجل ورآهم حوله ألقى الألواح من يده؛ فرفع أكثر ما فيها ولم يبق إلا القليل» انتهى.
  بيانه: أن الإنسان لو قال لولده: اكتب النون كالهلال أول ليلة لم يتبين له بهذا القول مثل ما يتبين له إذا مثَّله له وكتبه، والله أعلم.
  ويعرف كون الفعل أو الترك أو التقرير بياناً إما بنصه ÷ على ذلك، أو بأن لا يوجد غيرها مع صحة(١) كونها بياناً.
  وخالف في جواز التبيين بالفعل شرذمة، قالوا: لأن زمان الفعل أطول من زمان القول، فالبيان به يوجب تأخر البيان مع إمكانه(٢) بما هو أفضى(٣) إليه، وهو القول، وذلك غير جائز.
  قلنا: لا نسلم أن زمن الفعل أطول من زمن القول، فإن ما في ركعتين من الهيئات لو بين بالقول لاستدعى زماناً أطول مما تُصَلَّى فيه الركعتان بكثير.
  ولو سلم فلا نسلم استلزامه التأخير؛ لأن التأخير هو ألا يُشْرَع فيه عقيب
(١) بأن تجمع شروط الاستدلال فيعلم أن ذلك الفعل بيان لمجمل، وإلا فقد أخر البيان عن وقت الحاجة، وأنه لا يجوز.
(٢) أي: البيان.
(٣) أي: أقرب إفضاءً.