[المبين]
  الإمكان لا امتداد الفعل، كمن قال لغلامه: «ادخل البصرة» فسار(١) عشرة أيام حتى دخلها، فإنه لا يعد بذلك مؤخراً، بل مبادراً ممتثلاً بالفور.
  ولو سلم فلا نسلم أن تأخير البيان مع إمكانه بما هو أفضى إليه غير جائز على الإطلاق، إنما ذلك حيث لا غرض في التأخير، أما مع وجود غرض في التأخير كسلوك أقوى(٢) البيانين كما فيما نحن فيه فلا.
  [ومثال التبيين بالقياس قوله تعالى: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً}[المائدة ٩٥]، فإن إطعام المساكين وعدل الصيام مجمل، فحكم بأن الكفارة عن البدنة إطعام مائة، والبقرة إطعام سبعين، والشاة إطعام عشرة، أو صومها؛ لأنه قد ثبت في كفارة الظهار أن صوم اليوم وإطعام المسكين متعادلان، وثبت أن صوم المتمتع عن الشاة عشرة أيام، وهي عشر البدنة وسبع البقرة في هدي المتمتع وفي الإحصار](٣) والله أعلم.
  (و) لا بيان إلا بما هو أوضح من المبين في الدلالة؛ إذ لو ساواه فيها لافتقر إلى بيان مثله فيتسلسل، لكنه (لا يلزم شهرة البيان) في النقل (كشهرة المبين)، فيجوز أن يبين القطعي بالظني؛ إذ لا يمتنع تعلق المصلحة بذلك، ولأن الظن كالعلم في جلب المنافع ودفع المضار. وأيضاً فقد وقع، وهو دليل الجواز، وذلك كتخصيص القرآن والخبر المتواتر بالآحادي كما تقدم؛ إذ لا فرق بين التخصيص للعام والبيان للمجمل؛ لأنهما بيان(٤).
  (و) المختار أنه (يصح التعلُّق في حسن الشيء بالمدح) عليه، كما يتعلق في حسن
(١) عبارة العضد: فسار في الحال فبقي في مسيره عشرة أيام ... الخ.
(٢) وهو الفعل لكونه أدل.
(٣) ما بين المعكوفين في نخ.
(٤) وروي عن الإمام الحسن # أنه قال: وكذا الجلي بالخفي، وفيه: أن ذلك مخالف لاشتراط أوضحية البيان، مع أن التفاوت بين الجلي والخفي ليس من جهة شهرة النقل وعدمها.