[المبين]
  إخراج الزكاة بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ}[المعارج ٢٤]، (إذ هو) أي: المدح على ذلك (كالحث) على فعل ذلك الشيء، (و) كذا يصح التعلق (في قبحه بالذم) عليه، كما يتعلق في قبح حبس الزكاة بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ}[التوبة ٣٤]؛ (إذ هو) أي: الذم (آكد من النهي) عنه؛ لأن النهي قد يكون عما هو حسن كالمكروه، والذم لا يكون إلا على القبيح.
  واعلم أن المصنف ذكر هذه المسألة تبعاً للإمام المهدي #، واعترضه الإمام الحسن # بأنها إعادة أن مجيء العام للمدح أو الذم لا يبطل عمومه المتقدم في باب العموم.
  قلت: وفيه أن ذكرها في باب العموم لبيان أن المدح والذم لا يخرج العموم عن كونه عاماً مع قطع النظر عن أنه لا يصير مجملاً - أيضاً - وإن استلزمه، وذِكْرُها هنا لبيان أنهما لا يصيرانه مجملاً مع قطع النظر عن كونه عامًّا، أو على أن المراد بما ذكر هنا أعم من أن يكون عاماً أو خاصاً، وما ذكر هنالك باعتبار العموم فقط. وأيضاً فإنه رد لما قاله بعض الفقهاء من أنه مجمل، فكأنه قال:
  (والمختار أنه لا إجمال) في الوارد للمدح أو الذم، ولا (في الجمع المنكر؛ إذ يحمل على الأقل) مما يدل عليه - وهو أحد عشر في جمع الكثرة كدراهم، وثلاثة في جمع القلة والمشترك(١) كأرغفة ومسلمين - إن كان المتكلم به عليماً، وإلا فثلاثة مطلقاً(٢)؛ لأن الأصل براءة الذمة من الزائد.
  وأما حجب الأم بالأخوين مع قوله تعالى: {فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ}[النساء ١١]، فمجاز قرينته الإجماع الذي ادعاه عثمان في رده على ابن عباس وقد قال له: قال الله تعالى: {فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} والأخوان ليسا إخوة في لسان(٣) قومك.
(١) بين القلة والكثرة. وهو جمع التصحيح كما مثل له بـ «مسلمين».
(٢) سواء جمع قلة أو كثرة.
(٣) فقال له عثمان: لا أستطيع أن أنقض أمراً كان قبلي، وتوارثه الناس، فاستدل ابن عباس ولم =