[وحدة الحق في القطعيات والظنيات]
  كما في مسألة العول، فإن ابن عباس(١) خطأ من قال به، وخطأوه في تركه.
  وكما في مسألة الكلالة، فإنه روى السيوطي عن الشعبي قال: سئل أبو بكر عن الكلالة فقال: إني أقول فيها برأيي، فإن كان صواباً فمن الله وحده لا شريك له، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان، والله منه بريء. رواه الدارمي والبيهقي وابن أبي شيبة وغيرهم.
  وروى عبدالرحمن بن مهدي عن حماد بن زيد عن سعيد بن صدقة عن محمد بن سيرين قال: نزلت بأبي بكر فريضة فلم يجد لها في كتاب الله أصلاً، ولا في السنة أثراً، قال: أقول فيها برأيي، فإن يكن صواباً فمن الله تعالى، وإن يكن خطأً فمني وأستغفر الله.
  وكما في المسقطة ولدها ناقص الخلقة، قال ابن حجر في تلخيصه: روى البيهقي من حديث سلاّم عن الحسن البصري قال: أرسل عمر إلى امرأة مغيبة(٢) كان يُدْخَل عليها، فأنكر ذلك، فقيل لها: أجيبي عمر، قالت: ويلها، ما لها ولعمر؟! فبينا هي في الطريق ضربها الطِّلْق فدخلت داراً فألقت ولدها، فصاح صيحتين ومات، فاستشار عمر الصحابة، فأشار عليه بعضهم(٣): أن ليس عليك شيء، إنما أنت والٍ ومؤدب.
  فقال عمر: ما تقول يا علي؟ فقال علي #: (إن كانوا قالوا برأيهم فقد أخطأوا، وإن كانوا قالوا في هواك فلم ينصحوا لك، أرى أن ديته عليك؛ لأنك أنت أفزعتها،
(١) وقد ألزم ابن عباس القول بالعول في زوج وأم وأخوين لأم؛ لأن الأم لا يحجبها عنده أقل من ثلاثة أخوة، فلا بد له من إدخال النقص على الجميع؛ لأنهم ممن قدم الله تعالى. وأجيب عنه أنه يدخل النقص على من ينتقل من فرض إلى تعصيب أو من فرض إلى إسقاط، وأظنه فيما عدا الجدة، فإنه قد عدها ممن قدم الله؛ فيقول في هذه المسألة: للزوج النصف، وللأم الثلث، وللأخوين من الأم السدس؛ لأنهما ينتقلان من فرض إلى إسقاط كما أشار إلى مثله في العقد، والله أعلم.
(٢) اسم فاعل من فعَّل بالتشديد أو من أفعل، هكذا ضبط في الأصول. شرح غاية.
(٣) عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان.